صفحة جزء
4835 ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي هريرة ، وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: إذا زنت ولم تحصن فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير" قال مالك: قال ابن شهاب: لا أدري بعد الثالثة أو الرابعة. .


ش: أي احتج أهل المقالة الثانية فيما ذهبوا إليه بحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني .

أخرجه بإسناد صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك ، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود .

وأخرجه مالك في "موطئه" .

والبخاري: عن إسماعيل ، عن مالك .

[ ص: 433 ] وعن عبد الله بن يوسف ، عن مالك .

ومسلم: عن يحيى بن يحيى ، والقعنبي: عن مالك .

وعن أبي الطاهر ، عن ابن وهب ، عن مالك .

قال أبو عمر: هكذا روى هذا الحديث مالك عن ابن شهاب بهذا الإسناد، وتابعه يونس بن يزيد ويحيى بن سعيد .

ورواه عقيل والزبيدي وابن أخي الزهري ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله أن شبلا أو شبيل بن خالد المزني أخبره، أن عبد الله بن مالك الأوسي أخبره: "أن رسول الله -عليه السلام- سئل عن الأمة ...." وذكروا الحديث، إلا أن عقيلا وحده، قال: مالك بن عبد الله الأويسي، وقال الزبيدي: وابن أخي الزهري: عبد الله بن مالك. وكذلك قال عن ابن شهاب ، عن شبل بن خالد المزني ، عن عبد الله بن مالك الأوسي، فجمع يونس بن يزيد الإسنادين جميعا في هذا الحديث، وانفرد مالك ومعمر بحديث أبي هريرة وزيد بن خالد .

ثم وجه الاستدلال به من وجهين:

الأول: أن النفي لو كان ثابتا لذكره -عليه السلام- مع الجلد.

والثاني: أن الله تعالى قال: فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فلما كان حد الأمة نصف حد الحرة، وأخبر النبي -عليه السلام- أن حدها الجلد دون النفي، دل ذلك على أن حد الحرة هو الجلد ولا نفي فيه.

[ ص: 434 ] فإن قلت: إنما أراد بذلك التأديب دون الحد، وقد روي عن ابن عباس أن الأمة إذا زنت قبل أن تحصن أنه لا حد عليها.

قلت: قوله -عليه السلام-: "ثم بيعوها ولو بضفير" يدل على أنها لا تنفى; لأنها لو وجب نفيها لما جاز بيعها؛ إذ لا يمكن للمشتري تسلمها; لأن حكمها أن تنفى.

قوله: "ولو بضفير" أي حبل مفتول من شعر، وهو فعيل بمعنى مفعول.

قال أبو عمر: هذا على وجه الاختيار والحض على مباعدة الزانية؛ لما في ذلك من الاطلاع بها على المنكر والمكروه، وأجمع العلماء أن بيع الأمة الزانية ليس بواجب لازم على ربها، وقال أهل الظاهر بوجوب بيعها إذا زنت في الرابعة، منهم داود.

قال الحافظ المنذري: في هذا الحديث مجانبة أهل المعاصي، وجواز التغابن، وبيع الحقير باليسير، وقال بعضهم: ليس فيه عندي ما يستدل على المسألة به، وإنما هو على طريق المبالغة في بيعها بما أمكن ولا يحبس ليرصد بها ما يرضى من الثمن.

وقال أبو عمر: فيه دليل على التغابن في البيع، وأن المالك الصحيح الملك جائز له أن يبيع ماله القدر الكبير بالتافه اليسير، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء إذا عرف قدر ذلك، واختلفوا فيه إذا لم يعرف قدر ذلك، فقال قوم: إذا عرف قدر ذلك جاز كما تجوز الهبة لو وهب.

وقال آخرون: عرف قدر ذلك أو لم يعرف فهو جائز إذا كان رشيدا حرا بالغا.

ومن الحجة لمن ذهب إلى هذا القول قوله -عليه السلام-: "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض". (

التالي السابق


الخدمات العلمية