صفحة جزء
7300 ص: وخالفهم في ذلك آخرون فأجازوا أمرها كله في مالها، وجعلوها في مالها كزوجها في ماله واحتجوا في ذلك بقول الله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا فأباح الله -عز وجل- ما طابت به نفس امرأته وبقوله -عز وجل-: وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون فأجاز الله -عز وجل- عفوها عن مالها بعد طلاق زوجها إياها بغير استئمار من أحد فدل ذلك على جواز أمر المرأة في مالها وعلى أنها في مالها كالرجل في ماله.


ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: جمهور الفقهاء من التابعين ومن بعدهم منهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأصحابهم؛ فإنهم قالوا: يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها كما يجوز للرجل، ولا تحتاج في ذلك إلى إذن الزوج.

قوله: "واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بقول الله -عز وجل- وآتوا النساء صدقاتهن نحلة وهو جمع صدقة، وهو مهر المرأة، والصدق بضمتين جمع صداق، والصداق -بفتح الصاد وكسرها- هو المهر.

قوله: "نحلة" وهي العطية الخالية عن العوض، وقال ابن العربي: اختلف في المراد بها هاهنا على ثلاثة أقوال: [ ص: 465 ] الأول: معناه طيبوا أنفسا بالصداق كما تطيبون بسائر النحل والهبات.

الثاني: معناه: نحلة من الله للنساء؛ فإن الأولياء كانوا يأخذونها في الجاهلية [فانتزعها الله سبحانه منهم ونحلها النساء.

الثالث: أن معناه عطية من الله فإن الناس كانوا يتناكحون في الجاهلية] ينكحون بالشغار ويخلون النكاح من الصداق، ففرضه الله سبحانه ونحله إياهن.

وقال الجصاص في "أحكامه": روي عن قتادة وابن جريج في قوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة قالا: فريضة، كأنهما ذهبا إلى نحلة الدين، وأن ذلك فرض فيها قوله تعالى: عن شيء منه أي من المهر، وقد دلت الآية على جواز هبة المرأة مهرها للزوج والإباحة للزوج في أخذه ولا حاجة في ذلك إلى استئمار من أحد.

قوله: " من قبل أن تمسوهن " المس هاهنا كناية عن الجماع، والواو في قوله: وقد فرضتم للحال.

قوله: إلا أن يعفون أي: النساء، وفيه هن ضمير مستكن، وهذه الصيغة يستوي فيها المذكر والمؤنث، ويفرق في التقدير.

التالي السابق


الخدمات العلمية