صفحة جزء
13904 [ ص: 15 ] 5993 - (14316) - (3 \ 309) عن عمرو ، سمع جابر بن عبد الله : لما نزلت : هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعوذ بوجهك " ، فلما نزلت : أو من تحت أرجلكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعوذ بوجهك " ، فلما نزلت : أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض [الأنعام : 65] ، قال : "هذه أهون" أو "أيسر " .


* قوله : "(عذابا من فوقكم) " : أي : الرجم من السماء .

* "(أو من تحت أرجلكم) " : أي : الخسف من الأرض .

* "(أو يلبسكم " : يخلطكم ويجمعكم في معركة القتال مختلطين يقاتل بعضكم بعضا .

* "هذه " : أي : هذه العقوبة ، وعلى ما ذكرنا من المعنى يكون مجموع قوله تعالى : أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض [الأنعام : 65] ، إشارة إلى نوع ثالث من العذاب ، وهذا هو ظاهر القرآن ; لأن العطف بين كل نوعين بكلمة "أو " ، والعطف ها هنا بالواو ، فالظاهر أن المجموع نوع واحد ، وكذا هو ظاهر الحديث المذكور ; لقوله : "هذه أهون" بصيغة الإفراد بعد ذكر مجموع الفعلين ، وكلام بعض الشارحين يقتضي أنهما نوعان ، والله تعالى أعلم .

وظاهر هذه الرواية أن كل قطعة نزلت على حدة ، لكن ظاهر رواية البخاري تقتضي نزول الكل جميعا ، وهو الأقرب ، فيلزم التكلم في أثناء نزول القرآن ، وقد قال تعالى : لا تحرك به لسانك [القيامة : 16] ، فإما أن يجاب بأن قوله : لا تحرك به لا يدل على النهي عن تحريك اللسان بغير القرآن ، أو يحمل القول في الحديث على القول النفسي ، أو بجواز تأخر لا تحرك به عن هذه الآية .

قال القسطلاني في قوله تعالى : أو يلبسكم شيعا : قال مجاهد : يعني :

[ ص: 16 ] أهواء متفرقة ، وهو ما كان فيهم من الفتن والاختلاف ، وقال بعضهم : هو ما فيه الناس الآن من الاختلاف والأهواء وسفك الدماء ، وقال : "هذه أهون " ; لأن الفتن بيد المخلوقين وعذابهم أهون من عذاب الله ، فابتليت هذه الأمة بالفتن ; ليكفرها عنهم ، وعند ابن مردويه من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعا ، فرفع عنهم اثنتين ، وأبى أن يرفع عنهم اثنتين ; دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء ، والخسف من الأرض ، وألا يلبسهم شيعا ، ولا يذيق بعضهم بأس بعض ، فرفع عنهم الخسف والرجم ، وأبى أن يرفع عنهم الآخرين " .

فيستفاد منه أن الخسف والرجم لا يقعان في هذه الأمة ، لكن روى أحمد من حديث أبي بن كعب في هذه الآية : "هن أربع ، وكلهن واقع لا محالة ، فمضت اثنتان ; بعد وفاة نبيهم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعا ، وذاق بعضهم بأس بعض ، وبقيت اثنتان واقعتان لا محالة : الخسف ، والرجم " ، لكنه أعل بأنه مخالف لحديث جابر وغيره ، وبأن أبيا لم يدرك سنة خمس وعشرين من الوفاة النبوية ، فكأن حديثه انتهى عند قوله "لا محالة " ، والباقي كلام بعض الرواة ، وجمع بينهما بأن حديث جابر مقيد بزمان وجود الصحابة ، وبعد ذلك يجوز وقوعهما ، وعند أحمد بإسناد صحيح من حديث صحار - بضم صاد وبحاء مخففة مهملتين - رفعه : "لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل" الحديث ذكره

[ ص: 17 ] في "فتح الباري " ، وفي حديث ربيعة الجرشي عند أبي خيثمة رفعه : "يكون - في أمتي الخسف والقذف أو المسخ " ، انتهى .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية