صفحة جزء
13968 6037 - (14377) - (3 \ 314 - 315) عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن إبليس يضع عرشه على الماء ، ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم ، فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئا . قال : ويجيء أحدهم ، فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله ، قال : فيدنيه منه - أو قال : فيلتزمه - ويقول : نعم أنت أنت " . قال أبو معاوية مرة : "فيدنيه منه " .


[ ص: 39 ] * قوله : "يضع عرشه " : يحتمل أن المراد : حقيقته ، وكأنه من كمال تمرده وطغيانه يقصد بذلك التشبه بالرحمن ، قال تعالى : وكان عرشه على الماء [هود : 7] ، ويحتمل أنه كناية عن تسلطه واستيلائه على البحر .

* "سراياه " : أي : جيوشه .

* "فأدناهم " : أي : أقربهم .

* "منه " : من إبليس .

* "منزلة " : مرتبة ومكانة .

* "كذا وكذا " : كناية عن أنواع الفتن .

* "ما تركته " : أي : ابن آدم .

* "فرقت " : من التفريق .

* "فيدنيه " : من الإدناء ; أي : يدني إبليس ذاك القائل .

* "منه " : أي : من نفسه .

* "فيلتزمه " : يعانقه .

* "نعم أنت " : قيل : تقديره : نعم العون أنت ، على أن الفاعل مقدر ، والضمير مخصوص بالمدح ، وقيل بالعكس ; أي : نعم أنت العون ، وضعف الأول بأن الفاعل لا يقدر ، وبأنه إذا كان المخصوص ضميرا ، فالفاعل يكون مضمرا مفسرا بنكرة غير موصوفة ; مثل : إن تبدوا الصدقات فنعما هي [البقرة : 271] ; أي : نعم شيئا هي ، وضعف الثاني بأن الفاعل يكون معرفا باللام ، أو مضافا إلى المعرف ، أو مضمرا مفسرا بنكرة ، فلا يصلح أنت للفاعلية .

وفي "الأزهار " : والجواب الصحيح : أنه لحن جاء من إبليس لفظا ومعنى ،

[ ص: 40 ] حكى عنه النبي صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي تكلم به الملعون ، فلا حاجة إلى توجيهه بتكلف ، انتهى .

قلت : كأن فيه تنبيها على أن إبليس من شدة الفرح بذلك لا يميز بين الخطأ والصواب ، حتى أتى باللحن ، ولعل اللحن المعنوي هو أنه وضع المدح موضع الذم ، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية