صفحة جزء
14008 6067 - (14417) - (3 \ 318) عن جابر ، قال : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان ذلك اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الناس : إنما كسفت لموت إبراهيم ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات ، كبر ثم قرأ ، فأطال القراءة ، ثم ركع نحوا مما قام ، ثم رفع رأسه ، فقرأ دون القراءة الأولى ، ثم ركع نحوا مما قام ، ثم رفع رأسه ، فقرأ قراءة دون القراءة الثانية ، ثم ركع نحوا مما قام ، ثم رفع رأسه ، فانحدر للسجود ، فسجد سجدتين ، ثم قام فركع ثلاث ركعات قبل أن يسجد ، ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها ، إلا أن ركوعه نحوا من قيامه ، ثم تأخر في صلاته ، وتأخرت الصفوف معه ، ثم تقدم فقام في مقامه ، وتقدمت الصفوف ، فقضى الصلاة وقد طلعت الشمس ، فقال : "يا أيها الناس ! إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، وإنهما لا ينكسفان لموت بشر ، فإذا رأيتم شيئا من ذلك ، فصلوا حتى تنجلي ، إنه ليس من شيء توعدونه ، إلا قد رأيته في صلاتي هذه ، ولقد جيء بالنار ، فذلك حين رأيتموني تأخرت ، مخافة أن يصيبني من لفحها ، حتى قلت : أي رب ! وأنا فيهم ؟ ورأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار ، كان يسرق الحاج بمحجنه ، فإن فطن به ، قال : إنما تعلق بمحجني ، وإن

[ ص: 53 ] غفل عنه ، ذهب به ، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض ، حتى ماتت جوعا ، وجيء بالجنة ، فذاك حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ، فمددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ، ثم بدا لي ألا أفعل " .



* قوله : "قال : كسفت الشمس " : - بفتح كاف وسين ، أو بضم كاف وكسر سين - ، يقال : كسفت الشمس ، وكسفها الله .

* "ست ركعات " : المراد بالركعة : الركوع .

* "في أربع سجدات " : أي : في ركعتين ، كل ركعة فيها ثلاثة ركوعات .

* "ثم قرأ " : بعد أن شرع في الصلاة .

* "وإنهما لا ينكسفان لموت بشر " : ردا على من زعم ذاك لموت إبراهيم .

* "توعدونه " : على بناء المفعول ، والضمير المنصوب مفعول ثان ; فإن الوعد يتعدى إلى مفعولين ، والمراد : الأمر الموعود في الآخرة من الجنة والنار .

* "من لفحها " : أي حرها .

* قوله : "أي رب ! وأنا فيهم ؟ " : أي : أتعذبهم وأنا فيهم ؟ وقد قلت : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم [الأنفال : 33] ، قاله خوفا من نزول العذاب ، فأراد أن يدفعه توسلا بجميل وعده .

* "صاحب المحجن " : - بكسر ميم وسكون حاء مهملة بعد جيم - : هي عصا يكون رأسها مائلا ، بحيث يمكن أن يتعلق به شيء .

* "قصبه " : - بضم قاف وسكون صاد - ; أي : أمعاءه .

* "فطن " : على بناء المفعول ، وكذا "غفل " .

[ ص: 54 ] * "من خشاش الأرض " : - فتح الخاء - أشهر اللغات الثلاثة ، ويجوز كسرها وضمها ، وإعجامها أصوب ، وهي الهوام ، وقيل : ضعاف الطير .

قيل : وفيه أن بعضهم معذب في جهنم اليوم .

* "ثم بدا لي ألا أفعل " : حتى يبقى الإيمان بالغيب ، ولم يصر عيانا ، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية