صفحة جزء
14047 [ ص: 67 ] 6084 - (14456) - (3 \ 322 - 323) عن جابر ، قال : مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة ، وفي المواسم بمنى ، يقول : "من يؤويني ؟ من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي ، وله الجنة ؟ " ، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مصر - كذا قال - فيأتيه قومه ، فيقولون : احذر غلام قريش ، لا يفتنك . ويمشي بين رجالهم ، وهم يشيرون إليه بالأصابع ، حتى بعثنا الله له من يثرب ، فآويناه وصدقناه ، فيخرج الرجل منا ، فيؤمن به ، ويقرئه القرآن ، فينقلب إلى أهله ، فيسلمون بإسلامه ، حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام .

ثم ائتمروا جميعا ، فقلنا : حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف ؟ فرحل إليه منا سبعون رجلا ، حتى قدموا عليه في الموسم ، فواعدناه شعب العقبة ، فاجتمعنا عنده من رجل ورجلين ، حتى توافينا ، فقلنا : يا رسول الله ! علام نبايعك ؟ قال : "
تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، والنفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وأن تقولوا في الله ، لا تخافون في الله لومة لائم ، وعلى أن تنصروني ، فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنة " . قال : فقمنا إليه فبايعناه ، وأخذ بيده أسعد بن زرارة ، وهو من أصغرهم ، فقال : رويدا يا أهل يثرب ، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك ، وأجركم على الله ، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبينة ، فبينوا ذلك ، فهو أعذر لكم عند الله . قالوا : أمط عنا يا أسعد ، فوالله لا ندع هذه البيعة أبدا ، ولا نسليها أبدا . قال : فقمنا إليه فبايعناه ، فأخذ علينا وشرط ، ويعطينا على ذلك الجنة .



[ ص: 68 ] * قوله : "يتبع الناس " : من تبع أو اتبع - بالتشديد - ; أي : يدخل عليهم للدعوة إلى الله .

* "بعكاظ " : سوق لهم يجتمعون فيه .

* "ومجنة " : - بفتح الميم وكسرها وفتح الجيم والنون المشددة - : موضع على أميال يسيرة من مكة بناحية مر الظهران ، وقيل : على بريد من مكة ، وهو سوق هجر .

* "من يؤويني ؟ " : من الإيواء ; أي : يحفظني بالدار ، و"من" استفهامية .

* "حتى أبلغ " : من التبليغ أو الإبلاغ .

* "حتى إن الرجل " : - بكسر - "إن" لدخول اللام في خبرها ، وهو قوله : "ليخرج " ، وهذا تعلق بما يفهم من المقام ، فاشتهر بين الناس بذلك "حتى إن الرجل " .

* "احذر " : بفتح الذال المعجمة .

* "لا يفتنك " : بالجزم جواب الأمر .

* "بالأصابع " : كما يفعل بأهل الجنون .

* قوله : "بعثنا الله له " : أي : لنصره وإيوائه .

* "ويقرئه " : من الإقراء ; أي : هو أو بعض أصحابه الذين كانوا نائبين عنه في المدينة .

* "ثم ائتمروا " : أي تشاوروا .

* "يطرد " : على بناء المفعول .

* "من رجل ورجلين " : أي : اجتمعنا عنده رجلا رجلا ، أو رجلين رجلين ، وهذا بيان كيفية الاجتماع .

[ ص: 69 ] * "فإنا لم نضرب أكباد الإبل " : كناية عن السفر ; أي : ما سافرنا إليه .

* "وأن إخراجه " : عطف على "أنه رسول الله " ; أي : إخراجه من مكة إلى دياركم يؤدي إلى "مفارقة العرب" جملة ، وإلى "قتل خياركم " ، وإلى "أن تعضكم العرب" - بفتح العين وتشديد الضاد - .

* "جبينة " : تصغير الجبن بزيادة التاء للمرة ; كأنه نبههم على أن خوف قليل من الجبن مفسد لهذا الأمر ، فكيف الكثير ؟ !

* "أمط " : من الإماطة ; أي : أزل عنا منعك وحلولك بيننا وبين البيعة .

وفي "الزوائد " : رجاله رجال الصحيح .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية