صفحة جزء
15545 [ ص: 149 ] 6821 - (15975) - (3\485 - 486) عن حبيب بن أبي ثابت، قال : أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بالنهروان، فيما استجابوا له، وفيما فارقوه، وفيما استحل قتالهم، قال : كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل، فقال عمرو بن العاص لمعاوية : أرسل إلى علي بمصحف، وادعه إلى كتاب الله، فإنه لن يأبى عليك، فجاء به رجل، فقال : بيننا وبينكم كتاب الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله، ليحكم بينهم، ثم يتولى فريق منهم، وهم معرضون [ آل عمران : 23] ، فقال علي : نعم أنا أولى بذلك، بيننا وبينكم كتاب الله.

قال : فجاءته الخوارج، ونحن ندعوهم يومئذ القراء، وسيوفهم على عواتقهم، فقالوا : يا أمير المؤمنين، ما ننتظر بهؤلاء القوم الذين على التل ألا نمشي إليهم بسيوفنا، حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فتكلم سهل بن حنيف، فقال : يا أيها الناس اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله ألسنا على حق، وهم على باطل، أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : " بلى " قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا، وبينهم؟ فقال : " يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني أبدا " قال : فرجع وهو متغيظ، فلم يصبر، حتى أتى أبا بكر، فقال : يا أبا بكر ألسنا على حق، وهم على باطل، أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال : بلى ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع، ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يضيعه أبدا، قال : فنزلت سورة الفتح قال : فأرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر، فأقرأها إياه، قال : يا رسول الله وفتح هو؟ قال : " نعم " .



* قوله : "عن هؤلاء القوم" : أي : الخوارج .

[ ص: 150 ] * "فيما استجابوا له" : أولا .

* "وفيما فارقوه" : آخرا .

* "استحر" : أي : اشتد .

* "إلا أن نمشي" : هكذا في أصلنا ، فكلمة "إلا" بالتشديد ، وفي بعض الأصول : "ألا نمشي " بدون "أن" ، فكلمة ألا مخففة .

* "نعطي الدنية" : أي : نتحمل الانحطاط .

* "ولما" : - بالتشديد - جازمة .

* "ولن يضيعني" : من الإضاعة ، أو التضييع .

* "متغيظ" : ممتلئ غيظا ، وكأن مراد وائل بيان منشأ خروج الخوارج ، وأنه الخلاف الذي جرى في ذاك اليوم ، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية