صفحة جزء
1134 695 - (1131) - (1 \ 134 - 135) عن علي ، قال : سألت خديجة النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين ماتا لها في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هما في النار " ، قال : فلما رأى الكراهية في وجهها ، قال : "لو رأيت مكانهما لأبغضتهما " ، قالت : يا رسول الله! فولدي منك ؟ قال : "في الجنة " ، قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمنين وأولادهم في الجنة ، وإن المشركين وأولادهم في النار " ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم [الطور : 21] .


* قوله : "عن ولدين " : أي : عن شأنهما ، وأنهما في الجنة أم في النار ؟

* "هما في النار " : فيه دليل على أن الأولاد تابعة لآبائهم في الآخرة دون أمهاتهم .

* "لأبغضتهما " : أي : لو رأيت منزلتهما من الحقارة والبعد عن نظر الله ، لأبغضتهما ، وتبرأت منهما تبرؤ إبراهيم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - عن أبيه حيث تبين أنه عدو لله .

وفي "المجمع " : فيه محمد بن عثمان لم أعرفه ، وبقية رجاله رجال الصحيح ، والمسألة مختلف فيها ، قال النووي : منهم من قال : هم تبع

[ ص: 20 ] لآبائهم في النار ، ومنهم من توقف ، والصحيح أنهم من أهل الجنة .

قلت : قد جاءت الأحاديث في الظاهر مختلفة ، فقد جاء فيهم : "الله أعلم بما كانوا عاملين " ، وجاء : "من آبائهم " كهذا الحديث ، وجاء غير ذلك ، والأولى في التوفيق أن يقال : جاء قوله صلى الله عليه وسلم : "هم من آبائهم " على ما هو الغالب المظنون فيهم ; إذ الظاهر أن الولد يتبع الآباء في الدين إن عاش ، لكن قد يكون الأمر بخلافه ، فأشار صلى الله عليه وسلم إلى وجه البناء بقوله : "فأبواه يهودانه " ، ومنع عن الجزم بقوله لعائشة : "أو غير ذلك " ، وجزم في بعض أطفال المؤمنين بالكفر ، فقال في الغلام الذي قتله الخضر : "طبع كافرا " .

وكذا في بعض أطفال الكافرين كما في هذا الحديث ، وفي الحديث : "الوائدة والموءودة في النار " ، وجزم في بعض أطفال المشركين بالخبر ، فقال في روايات الطويل : "وأما الرجل الطويل الذي في الروضة ، فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وأما الولدان حوله ، فكل مولود مات على الفطرة " ، فقال بعض المسلمين : يا رسول الله! وأولاد المشركين ؟ رواه البخاري في "صحيحه" في كتاب الرؤيا ، فصار الحاصل أنه ينبغي التوقف ، ولا ينبغي الجزم ، مع كون الغالب

[ ص: 21 ] هو أن الطفل كالآباء ، وعلم أن السعادة والشقاوة ليستا بالأعمال ، بل باللطف الرباني ، والخذلان الإلهي .

وعلى هذا ، فقوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [الإسراء : 15] ، يحمل على عذاب الاستئصال في الدنيا ; لأن "حتى" يقتضي ظاهرا أن يكون العذاب في الدنيا ، ويعضده ما بعده ، وهو قوله : وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها [الإسراء : 16] ، الآية ، والله تعالى أعلم .

* "ثم قرأ " : أي : استشهادا على بعض الدعوى ، إلا أن يقال : هو استشهاد على تمام الدعوى بانضمام المقايسة إلى مضمون الآية ، فليتأمل .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية