صفحة جزء
16692 7395 - (17142) - (4\126) عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، أنه سمع العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا [ ص: 114 ]

هالك، ومن يعش منكم، فسيرى اختلافا
كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعليكم بالطاعة، وإن عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد" .



* قوله : "ذرفت ": ذرف; كضرب: إذا سال، والمراد: سال منها دموع العيون، إلا أنه نسب الفعل إلى العين مبالغة .

* "ووجلت ": من وجل; كعلم: إذا خاف .

* "لموعظة مودع": اسم فاعل من التوديع; أي: المبالغة، فيها دليل على أنك تودعنا، فزد في المبالغة .

* "تعهد": توصي.

* "على البيضاء": صفة الملة، دوام البياض، والمراد بقوله: "ليلها كنهارها "، الأزمنة .

* "إلا هالك ": أي: من قدر الله تعالى له الهلاك .

* "الخلفاء الراشدين ": ، قيل: هم الأربعة - رضي الله تعالى عنهم - ، وقيل: بل هم ومن سار سيرتهم من أئمة الإسلام المجتهدين في الأحكام; فإنهم خلفاء رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في إعلاء الحق، وإحياء الدين، وإرشاد الخلق إلى الصراط المستقيم .

* "بالطاعة ": للأمير.

* "وإن عبدا": أي: وإن كان الأمير عبدا .

* "عضوا عليها بالنواجذ": أي: على سنتي وسنة الخلفاء الراشدين، أو على الطاعة، وهو الأوفق لما بعده، والنواجذ - بالذال المعجمة - : هي الأضراس، والمراد لزوم السنة; كفعل من أمسك الشيء بين أضراسه، وعض عليه؟ منعا له من أن ينتزع منه.

[ ص: 115 ]

* "الأنف ": - بالمد أو القصر - : وهو مجروح الأنف، وهو لا يمتنع على قائده; للوجع الذي به، وهذا الكلام أنسب بالطاعة، ويناسب السنة أيضا; نظرا إلى أن من السنة ما هو ثقيل على النفس، فقيل: المؤمن من شأنه الطاعة في كل شيء، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية