صفحة جزء
1475 842 - (1472) - (1 \ 171) أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد : أن محمد بن سعد بن أبي وقاص : أخبره أن أباه سعد بن أبي وقاص ، قال : استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه ، عالية أصواتهن ، فلما استأذن ، قمن يبتدرن الحجاب ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : فدخل - ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ، ابتدرن الحجاب " ، قال عمر : فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن ، ثم قال عمر : أي عدوات أنفسهن ! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلن : نعم ، أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ! ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا ، إلا سلك فجا غير فجك " . قال عبد الله : قال أبي : وقال يعقوب : ما أحصي ما سمعته يقول : حدثنا صالح عن ابن شهاب .


* قوله : "وعنده نساء " : قيل : هن أزواجه .

* "ويستكثرنه " : أي : يطلبن منه أكثر مما يعطيهن من النفقة .

[ ص: 108 ] وقال النووي : قال العلماء : معنى "يستكثرنه " : يطلبن كثيرا من كلامه وجوابه بحوائجهن وفتاويهن .

* قوله : "عالية " : - بالنصب على الحال ، أو الرفع على النعت - ، قيل : كان قبل النهي عن رفع الصوت على صوته ، أو كان ذلك من طبعهن ، أو المراد : علو صوتهن بالاجتماع ، لا أن صوت كل واحدة عال على صوته صلى الله عليه وسلم .

* قوله : "يبتدرن الحجاب " : أي : أسرعن إليه .

* قوله : "أضحك الله " : تعريضا للسؤال عن سببه ، وهو دعاء بالسرور اللازم للضحك ; فإنه غير مطلوب .

* قوله : "أحق أن يهبن " : - بفتح الهاء - من الهيبة ; أي : يوقرن .

* "أنت أغلظ . . . إلخ " : مقصودهن الكناية عن كونه صلى الله عليه وسلم ألين وألطف منه ، لا إثبات الغلظة له حتى يقال : إنه مناف لقوله - تعالى - : ولو كنت فظا غليظ القلب [آل عمران : 159] .

* "إلا سلك فجا . . . إلخ " : قيل : أي : لشدة بأسه ; خوفا من أن يفعل به شيئا ، فهو على ظاهره ، أو هو كناية عن كون عمر فارق سبيل الشيطان ، وسلك سبيل السداد ، فخالف كل ما يحبه الشيطان .

قلت : والوجه أنه على ظاهره ، لا لما سبق ، بل لأن الشيطان يكرهه كما يكره الأذان ; لغاية استقامته وإنكاره المنكرات ، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية