صفحة جزء
20832 9092 - (21339) - (5\150 - 151) عن نعيم بن قعنب الرياحي، قال: أتيت أبا ذر، فلم أجده، ورأيت المرأة فسألتها، فقالت: هو ذاك في ضيعة له. فجاء يقود أو يسوق بعيرين قاطرا أحدهما في عجز صاحبه، في عنق كل واحد منهما قربة، فوضع القربتين، قلت: يا أبا ذر، ما كان من الناس أحد أحب إلي أن ألقاه منك، ولا أبغض أن ألقاه منك قال: لله أبوك، وما يجمع هذا؟ قال: قلت: إني كنت وأدت في الجاهلية، وكنت أرجو في لقائك أن تخبرني أن لي توبة ومخرجا، وكنت أخشى في لقائك أن تخبرني أنه لا توبة لي فقال: أفي الجاهلية؟ قلت: نعم. فقال: عفا الله عما سلف. ثم عاج برأسه إلى المرأة فأمر لي بطعام فالتوت عليه، ثم أمرها فالتوت عليه، حتى ارتفعت أصواتهما، قال: إيها دعينا عنك. فإنكن لن تعدون ما قال لنا فيكن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: وما قال لكم فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: " المرأة ضلع، فإن تذهب تقومها تكسرها، وإن تدعها ففيها أود وبلغة". فولت فجاءت بثريدة كأنها قطاة، [ ص: 408 ] فقال: كل ولا أهولنك، إني صائم. ثم قام يصلي، فجعل يهذب الركوع ويخففه ، ورأيته يتحرى أن أشبع أو أقارب، ثم جاء فوضع يده معي، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون فقال: ما لك؟ فقلت: من كنت أخشى من الناس أن يكذبني، فما كنت أخشى أن تكذبني قال: لله أبوك إن كذبتك كذبة منذ لقيتني. فقال: ألم تخبرني أنك صائم، ثم أراك تأكل؟ قال: بلى، إني صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر، فوجب لي أجره، وحل لي الطعام معك.


* قوله : "قاطرا": - بالطاء - هكذا في النسخة القديمة؛ أي: معلقا أحدهما بالآخر.

* "وما يجمع هذا؟": الذي ذكرت من الأمرين.

* "ثم عاج برأسه": أي: مال به وذهب بنفسه.

* "فالتوت": أي: انعطفت ومالت.

* "عليه": مقبلة عليه بالخصام والكلام.

* "أي هن": هكذا في النسخة القديمة، و"أي": حرف نداء، و"هن" - بتخفيف النون - : يكنى به عن كل اسم جنس، إلا أن المشهور في الإناث إدخال التاء.

* "ضلع": - بكسر الضاد مع فتح اللام عند الحجازيين، وسكونها عند التميميين - : واحد من عظام الجنبين، شبهت المرأة بها في التعوج.

* "أود": بفتحتين - أي: عوج.

* "وبلغة": - بضم فسكون - : ما يكتفى به في العيش.

[ ص: 409 ]

* "قطاة": - بفتح القاف - : ضرب من الحمام، والتشبيه في القلة.

* "ولا أهولنك": من التهويل؛ أي: لا يوقعك إعراضي عن الأكل في الهول.

* "من كنت": "من" شرطية.

* "أن يكذبني": - بالتخفيف - أي: يتكلم معي بالكذب؛ أي: ولو ظننت أن أي أحد يكذب لما ظننت أنك تكذب، فكيف تكذب أنت؟! وهذا استعظام لصدور الكذب عنه.

* "إن كذبتك ": - بكسر الهمزة - : حرف نفي؛ أي: ما كذبتك.

* "أجره": أي: أجر الشهر بتمامه، فصح في تمام هذا الشهر أني صائم من جهة الأجر، وإن كنت مفطرا ظاهرا ، فحل الطعام بذلك، والله تعالى أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية