صفحة جزء
21502 9379 - (22007) - (5 \ 230) عن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن، فقال: " كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: " فإن لم يكن في كتاب الله؟ " قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: " فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " قال: أجتهد رأيي، لا آلو. قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري، ثم قال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ".


* قوله: "قال: أجتهد رأيي": الاجتهاد: بذل الوسع والطاقة، ويتعدى بفي، يقال: اجتهد في الأمر، والرأي: الفكر، فقوله: رأيي منصوب بتقدير في، أي: أجتهد في إصابة رأيي الحق، واستخراج الحكم به من أصول الشرع المعلومة من الكتاب والسنة، ويمكن أن نصبه بتقدير الباء؛ لأن الرأي آلة للاجتهاد واستخراج الحكم، وأما محله، فأصول الكتاب والسنة، أي: أجتهد برأيي في الأصول المعلومة من الكتاب والسنة؛ لرد القضية الواقعة إليها، وإثبات حكم؛ مثل حكم تلك الأصول في هذه القضية، بعد معرفة المشاركة [ ص: 85 ] بينهما في معنى النص، وعلة الحكم، ويمكن أن يكون منصوبا على المصدر، على أن الرأي بمعنى الاجتهاد، أي: أجتهد اجتهادي، أو على المفعولية على أن أجتهد بمعنى أبذل، أي: أبذل رأيي في معرفة الحق.

* "ولا آلو": أي: لا أقصر في ذلك الاجتهاد.

وأما الحديث، فقد قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل، وضعفه غير واحد بجهالة في إسناده.

وقال السيوطي "في حاشية أبي داود": أورده الجوزقاني في "الموضوعات "، وقال: هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة، وقد تصفحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عمن لقيته من أهل العلم، فلم أجد له طريقا غير هذا، والحارث بن عمرو هذا مجهول، وكذا أصحاب معاذ وأهل حمص لا يعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة، ولا في ذكر الفقهاء إياه في كتبهم؛ لأنه من باب تقليد خلفهم سلفهم، وليس لهم طريق غير هذا، نعم إن أتوا بطريق غير هذا، ينظر فيه، وأنى لهم ذلك؟

قلت: لكن له شواهد موقوفة عن جملة من الصحابة ذكرها البيهقي في "سننه " عقيب ذكره هذا الحديث تقوية له، انتهى كلام السيوطي.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية