صفحة جزء
23297 10132 - (23809) - (6\2) عن المقداد بن الأسود، قال: قدمت أنا وصاحبان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابنا جوع شديد، فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد، فانطلق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله وعنده أربع أعنز، فقال لي: " يا مقداد، جزئ ألبانها بيننا أرباعا "، فكنت أجزئه بيننا أرباعا، فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فحدثت نفسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار، فأكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو شربت نصيبه، فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته، ثم غطيت القدح، فلما فرغت أخذني ما قدم وما حدث، فقلت: [ ص: 65 ] يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم جائعا ولا يجد شيئا فتسجيت، وجعلت أحدث نفسي، فبينا أنا كذلك، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم تسليمة يسمع اليقظان، ولا يوقظ النائم، ثم أتى القدح فكشفه فلم ير شيئا فقال: " اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني "، واغتنمت الدعوة، فقمت إلى الشفرة فأخذتها، ثم أتيت الأعنز فجعلت أجسها أيها أسمن، فلا تمر يدي على ضرع واحدة إلا وجدتها حافلا، فحلبت حتى ملأت القدح، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: اشرب يا رسول الله، فرفع رأسه إلي فقال: " بعض سوآتك يا مقداد، ما الخبر؟ " قلت: اشرب، ثم الخبر، فشرب حتى روي، ثم ناولني فشربت، فقال: " ما الخبر؟ " فأخبرته فقال: " هذه بركة نزلت من السماء، فهلا أعلمتني حتى نسقي صاحبينا " فقلت: إذا أصابتني وإياك البركة فما أبالي من أخطأت.


* قوله: "فلم يضفنا": من أضافه: إذا أنزله ضيفا.

* "جزئ": من التجزئة؛ أي: قسم.

* "فلو شربت نصيبه": أي: فلا بأس.

* "ما قدم وما حدث": هما - بضم الدال - والأصل في "حدث" - الفتح لكن ضم للازدواج، يعني: همومه وأفكاره القديمة والحديثة، وقيل: غلب علي التفكر في أحوالي القديمة والحديثة، أيها كان سببا لصدور هذه الخطيئة والاجتراء عليها، والمقصود: بيان التندم على ذلك.

* "فتسجيت": من التسجي بمعنى: التغطي.

* "يسمع": من الإسماع، أو السماع، والأول أوفق بقوله: "يوقظ".

* "إلى الشفرة": - بفتح فسكون - : السكين.

* "حافلا": ذات لبن.

* "بعض سوءاتك": أي: فعلت، أو صدر منك بعض أفعالك السيئة.

[ ص: 66 ]

* "من أخطأت": أي: أخطأته البركة فما أصابته.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية