صفحة جزء
1936 1105 - (1935) - (1 \ 222) قال ابن عباس ، قال : يوم الخميس ، وما يوم الخميس ؟ ! ثم بكى حتى بل دمعه - وقال مرة : دموعه - الحصى ، قلنا : يا أبا العباس ! وما يوم الخميس ؟ قال : اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ، فقال : " ائتوني

[ ص: 297 ] أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا " ،
فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : ما شأنه ، أهجر - قال سفيان : يعني : هذى - استفهموه ، فذهبوا يعيدون عليه ، فقال : "دعوني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " ، وأمر بثلاث - وقال سفيان مرة : أوصى بثلاث - ، قال : "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم " .
وسكت سعيد عن الثالثة ، فلا أدري : أسكت عنها عمدا ; وقال مرة : أو نسيها ; وقال سفيان مرة : وإما أن يكون تركها ، أو نسيها .


* قوله : "يوم الخميس " : أي : اليوم يوم الخميس ، وكأنه بهذا الكلام ذكر يوم الخميس الذي اشتد فيه مرضه ، فقال تعظيما لذلك اليوم : وما يوم الخميس ؟ ويحتمل أن يكون تقدير الأول : ذلك اليوم ; أي : يوم اشتداد مرضه يوم الخميس ، أو تقديره : يوم الخميس يوم عظيم ، أو تقديره : يوم الخميس ما يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ على أنه من قبيل : الحاقة ما الحاقة [الحاقة : 1 - 2] ، إلا أنه كرر "ما يوم الخميس" بصورة العطف تأكيدا لتعظيمه .

قال النووي : معناه : تفخيم أمره في الشدة والمكروه فيما يعتقده ابن عباس ، وهو امتناع الكتاب .

* "ائتوني " : أي : بشيء يكتب فيه .

* "أكتب لكم " : أي : ألق عليكم ما تكتبونه ، ويمكن أن يقال : إنه أراد مباشرته ، إن قلنا : إنه كان يحسن الخط بتعليم الله تعالى زيادة في الإعجاز ، بعد أن تم أمر الإعجاز بكونه أميا كما جوزه بعضهم .

* "لا تضلوا " : هكذا بحذف النون في النسخ ، وهو حذف للتخفيف ، وهو شائع ، وإلا فالجملة صفة "كتابا " ، وقيل : بدل من جواب الأمر ، أو جواب ثان بلا عطف ، وقد جوز ذلك ، ويمكن أن يكون نهيا على معنى : لا تختلفوا بعده ،

[ ص: 298 ] بل اتفقوا على ما فيه ، لكن الرواية بثبوت النون كما في مسلم تأبى ذلك .

* "فتنازعوا " : أي : اختلفوا في إحضاره بناء على أنه رأى بعضهم أن حاله لا تساعد ذلك ، وإحضاره يكون زيادة في العنت عليه .

* "فقالوا " : أي : قال من رأى أن الإحضار أولى لمن منعه إنكارا عليه :

* "أهجر " : على بناء الفاعل ، والهمزة للإنكار ; أي : أهذى ; أي : إن كلامه ليس ككلام من يأتي بالهذيان حتى يترك العمل به ، ويمكن أن يكون - بضم الهاء - على أنه مصدر ، بتقدير : أكلامه هجر ، وهو المناسب بتفسير سفيان : يعني : هذى ; أي : أراد القائل : أهذا الكلام هجر ، على أن "هذا" اسم إشارة ، وعلى الأول فهو فعل ; كدعا ; من هذوت بمعنى : هذيت ، والشائع بالياء ، لكن الخط لا يناسبه ; لأن اليائي يكتب بالياء ، والنسخ متفقة على الألف ، والله - تعالى - أعلم .

* "استفهموه " : من لفظ الحديث ، لا من كلام سفيان .

* "فالذي أنا فيه " : من مراقبة الحق والتأهب للقائه .

* "مما تدعوني إليه " : من الاشتغال بما بينكم من الخصام .

* "وأجيزوا " : قيل : هو أمر بإجازة الوفود وضيافتهم وإكرامهم ; تطييبا لنفوسهم ، وترغيبا لغيرهم من المؤلفة ونحوهم ، وإعانة لهم على سفرهم .

* "على الثالثة " : قيل : هو تجهيز جيش أسامة - رضي الله تعالى عنه - ، وقيل : هو قوله : "لا تتخذوا قبري وثنا يعبد " .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية