صفحة جزء
2129 1250 - (2128) - (1 \ 238) عن ابن عباس ، قال : وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل نجد قرنا ، وقال : "هن وقت لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن - يريد : الحج والعمرة - ، فمن كان منزله من وراء الميقات ، فإهلاله من حيث ينشئ ، وكذلك فكذلك ، حتى أهل مكة إهلالهم من حيث ينشئون " .


* قوله : "وقت " : من التوقيت ; أي : عين وحدد ، وهذا التحديد لمنع التأخير ، لا لمنع التقديم ; فإنه جائز عند الجمهور .

* "ولمن مر بهن . . . إلخ " : قيل : هذا يقتضي أن الشامي المار بذي الحليفة ميقاته ذو الحليفة ، وعموم قوله : "لأهل الشام الجحفة" يقتضي أن ميقاته الجحفة ، فهو عمومان متعارضان .

قلت : لا تعارض بينهما ; إذ مرجع العمومين إلى أن ذلك الشامي له ميقاتان : ميقات أصلي ، وميقات بواسطة المرور بذي الحليفة ، والميقات : ما يحرم مجاوزته بلا إحرام ، لا ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه ، فيقال : ذاك الشامي ليس له مجاوزة شيء منهما بلا إحرام ، فيجب عليه أن يحرم من أولهما ، ولا يجوز له التأخير إلى آخرهما ، فإنه إذا أحرم من أولهما ، لم يجاوز شيئا منهما بلا إحرام ، وإذا أخر إلى آخرهما ، فقد جاوز الأول بلا إحرام ، وذلك غير جائز له .

[ ص: 370 ] وعلى هذا ، فإذا جاوزهما بلا إحرام ، فقد ارتكب محرمين ; بخلاف من له ميقات واحد ، فإنه إذا جاوزه بلا إحرام ، فقد ارتكب محرما واحدا ، والحاصل أنه لا تعارض في تعدد المواقيت لواحد ، نعم لو كان معنى الميقات ما لا يجوز تقديم الإحرام عليه ، لحصل التعارض .

* "يريد الحج " : حال من فاعل مر ، وظاهره أن الإحرام على من يريد أحد النسكين ، لا من يريد مكة ومر بهذه المواقيت ، وبه يقول الشافعي .

وفيه إشارة إلى أن هذه المواقيت مواقيت للحج والعمرة جميعا ، لا للحج فقط ، فيلزم أن تكون مكة لأهلها ميقاتا للحج والعمرة جميعا ، لا أن مكة للحج ، والتنعيم للعمرة ; كما عليه الجمهور .

* "ينشئ " : أي : السفر ، يفيد : أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الإحرام من أهله ، وكذلك ليس لأهل مكة أن يؤخروا من مكة ، وعلى هذا فقول علمائنا الحنفية في جواز التأخير مشكل ، فليتأمل .

* "وكذلك " : أي : كذلك الحكم في كل من كان داخلا ، وإن كان كافرا قرب إلى مكة ، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية