صفحة جزء
2611 1538 - (2616) - (1\288) عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقى جبريل، وكان جبريل يلقاه [ ص: 38 ] في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن، قال: فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.


* قوله: "أجود الناس": بالنصب; أي: على الدوام.

* "وكان أجود ما يكون في رمضان": قال ابن الحاجب: الرفع في "أجود" هو الوجه; لأنك إن جعلت في "كان " ضميرا يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن أجود بمجرده خبرا; لأنه مضاف إلى "ما يكون "، وهو كون، ولا يستقيم الخبر بالكون عما ليس بكون، ألا ترى أنك لا تقول: زيد أجود ما يكون; فيجب أن يكون إما مبتدأ خبره قوله: "في رمضان "، والجملة خبر، أو بدلا من ضمير في "كان "، فيكون من بدل الاشتمال; كما تقول: كان زيد علمه حسنا، وإن جعلته ضمير الشأن، تعين رفع أجود على الابتداء والخبر، وإن لم يجعل في "كان " ضمير، تعين الرفع على أنه اسمها، والخبر: "في رمضان "، انتهى.

ومنهم من جوز نصبه على أنه خبر كان، وهو غير مضاف إلى ما بعده، بل لفظة "ما" مصدرية نائبة عن الظرف، تقديره: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة كونه في رمضان أجود منه في غيره، وفيه استعمال اسم التفضيل منكرا بلا لفظة "من "، وهو قليل، أو مضاف إلى ما بعده على أن "ما" نكرة موصوفة، و"في رمضان " يتعلق بكان، والتقدير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود شيء كائن، وقد ذكر بعضهم وجوها أخر لا حاصل لها، والله تعالى أعلم.

بقي أن في الوجه الأخير بحثا، وهو: أنه إن أريد بالشيء الكائن الناس; لكون الكلام في نوع الإنسان، لم يبق فرق بين رمضان وغيره، مع أن الكلام مسوق للفرق، وإلا، فإن لم يرد العموم; كما هو شأن النكرة في الإثبات، يلزم خلاف المطلوب، وإن أريد العموم بقرينة التوصيف بصفة عامة، فيلزم أن يكون أكثر جودا من كل ما يوصف بالكون، ولا يخفى أن ما يوصف بالكون يشمل الخالق تعالى، إلا أن يقال: هناك تخصيص عقلا، ولا يضر [ ص: 39 ] العموم لفظا إذا كان العقل مخصصا، والله تعالى أعلم.

* "من الريح المرسلة": في اعتبار الريح جوادا تجوز، والله تعالى أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية