صفحة جزء
3570 1864 - (3580) - (1\377) عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إني أبرأ إلى كل خليل من خلته ، ولو كنت متخذا خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، وإن صاحبكم خليل الله عز وجل".


* قوله: "إني أبرأ": من برئ - بالكسر - بمعنى: تبرأ.

* "إلى كل خليل": أي: منهيا براءتي إلى كل من يزعم أني اتخذته خليلا، فلا يشمل عمومه الرب الجليل - سبحانه وتعالى - حتى يحتاج إلى الاستثناء.

* "من خلته": - بضم الخاء - أي: من اتخاذي إياه خليلا، وهذا هو المعنى الموافق للسوق، والخلة - بالضم - : الصداقة والمحبة التي تخللت قلب المحب، وتدعو إلى إطلاع المحبوب على سره، والخليل: فعيل منه، بمعنى: الصديق.

وقيل: هو من يعتمد عليه في الحاجة؛ فإن أصله الخلة - بالفتح - بمعنى: الحاجة.

* "لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا": معناه على الأول: لو جاز لي أن أتخذ صديقا من الخلق، تتخلل محبته في باطن قلبي، ويكون مطلعا على [ ص: 224 ] سري، لاتخذت أبا بكر، لكن محبوبي بهذه الصفة هو الله. وعلى الثاني: لو اتخذت من أراجع إليه في الحاجات، وأعتمد عليه في المهمات، لاتخذت أبا بكر، ولكن اعتمادي في جميع أموري على الله، وهو ملجئي وملاذي.

* "وإن صاحبكم خليل الله": الموافق للسوق بالنظر الجلي أن المراد: إن صاحبكم قد اتخذ الله خليلا، فليس له أن يتخذ غيره خليلا; احترازا عن الشركة، لكن المتبادر إلى الأفهام من اللفظ الموافق للسوق بدقيق النظر: هو أن الله قد اتخذ صاحبكم خليلا، فيجب عليه أن ينقطع إليه، فكيف يتخذ غيره خليلا؟! وعلى الثاني: يفهم من الحديث: أن الله تعالى قد اتخذ نبينا صلى الله عليه وسلم خليلا، كما اتخذه حبيبا، والخلة ليست مخصوصة بإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بل حاصلة لنبينا - صلوات الله وسلامه عليه - بأكمل وجه وأتمه.

بقي أن اتخاذ الله تعالى أحدا خليلا ليس بمستقيم بالمعنيين اللذين ذكرناهما، فيعتقد أنه بمعنى آخر مناسب لجنابه الأقدس - سبحانه وتعالى - .

ثم لا يخفى ما في الحديث من الدلالة على فضل الصديق، والله تعالى أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية