صفحة جزء
185 142 - (184) - (1 \ 27) عن يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن الحميري، قالا: لقينا عبد الله بن عمر، فذكرنا القدر، وما يقولون فيه، فقال: إذا رجعتم إليهم، فقولوا: إن ابن عمر منكم بريء، وأنتم منه برآء - ثلاث مرار - ثم قال: أخبرني عمر بن الخطاب أنهم بينما هم جلوس - أو قعود - عند النبي صلى الله عليه وسلم، جاءه رجل يمشي، حسن الوجه، حسن الشعر، عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض: ما نعرف هذا، وما هذا بصاحب سفر.

ثم قال: يا رسول الله، آتيك؟ قال: " نعم " فجاء فوضع ركبتيه عند ركبتيه، ويديه على فخذيه، فقال:
ما الإسلام؟ قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت " قال:

[ ص: 133 ] فما الإيمان؟ قال: " أن تؤمن بالله، وملائكته، والجنة والنار، والبعث بعد الموت، والقدر كله "، قال: فما الإحسان؟ قال: " أن تعمل لله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " قال: فمتى الساعة؟ قال: " ما المسئول عنها بأعلم من السائل "، قال: فما أشراطها؟ قال: " إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان، وولدت الإماء أربابهن " قال: ثم قال: " علي الرجل "، فطلبوه فلم يروا شيئا، فمكث يومين أو ثلاثة، ثم قال: " يا ابن الخطاب، أتدري من السائل عن كذا وكذا؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: " ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم " .

قال: وسأله رجل من جهينة أو من مزينة، فقال: يا رسول الله، فيم نعمل، أفي شيء قد خلا أو مضى، أو في شيء يستأنف الآن؟ قال: " في شيء قد خلا، أو مضى " فقال رجل، أو بعض القوم: يا رسول الله، فيم نعمل؟ قال: " أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار " .


قال: يحيى قال: هو كذا .


* قوله: "فذكرنا القدر" : - بفتحتين، ويسكن - .

* "وما يقولون" : أي: نفاته.

* "فيه" : في شأنه.

* "إليهم" : أي: إلى النفاة.

* "برآء" : ككرماء; أي: قد انقطع بيننا المحبة حتى تثوبوا إلى الاعتقاد الحق.

* "ما نعرف" : أي: قائلين: ما نعرف هذا في النفس أو بالإشارة.

* "آتيك" : أي: أتقرب منك.

[ ص: 134 ] * "ويديه على فخذيه" : أي: فخذي نفسه جالسا على هيئة المتعلم، ذكره النووي، واختاره التوربشتي بأنه أقرب إلى التوقير، وأشبه بسمت ذوي الأدب، أو فخذي النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره البغوي وغيره، ويؤيده الموافقة لقوله: فوضع ركبتيه عند ركبتيه، ورجحه ابن حجر بأنه كذلك في رواية ابن خزيمة، قال: والظاهر أنه أراد بذلك المبالغة في تعمية أمره; ليقوي الظن أنه من جفاة الأعراب.

قلت: وكذا رواية النسائي في حديث أبي هريرة وأبي ذر، والواقعة متحدة، والله تعالى أعلم.

* "وتقيم" : يجوز نصبه بتقدير أن يكون عطفا على الاسم الصريح، وحاصل الجواب أن الإسلام هو الأركان الخمسة الظاهرية.

* "أن تؤمن" : أي: تصدق، فالمراد به المعنى اللغوي، والإيمان المسؤول عنه الشرعي، فلا دور، وفي هذا التفسير إشارة إلى أن الفرق بين الإيمان الشرعي واللغوي بخصوص المتعلق في الشرعي، وحاصل الجواب: أن الإيمان هو الاعتقاد الباطني.

* "فما الإحسان؟" : أي: في العبادة، أو الإحسان الذي حث الله - تعالى - عباده على تحصيله بقوله: والله يحب المحسنين [آل عمران: 134].

* "كأنك تراه" : صفة مصدر محذوف; أي: عملا كأنك فيه تراه، أو حال; أي: والحال كأنك تراه، ومرجعه إلى أن تكون خاشعا خاضعا في طاعته على وجه تراعيه لو كنت رائيا له، ولا شك أنك لو رأيته، لما تركت شيئا مما قدرت

[ ص: 135 ] عليه من الخشوع وغيره، ولا منشأ لتلك المراعاة حال رؤيتك إلا كونه تعالى رقيبا عالما مطلقا على حالك، وهذا موجود وإن لم تكن تراه، فلذلك قال صلى الله عليه وسلم في تعليله:

* "فإن لم تكن تراه، فإنه يراك" : أي: وهو يكفي في مراعاة الخشوع بذلك الوجه، فـ "إن" على هذا وصلية لا شرطية، والكلام بمنزلة: فإنك وإن لم تكن تراه، فإنه يراك، فليفهم.

* "ما المسؤول عنها. . . إلخ" : أي: هما مستويان في عدم العلم.

* "فما أشراطها؟" : أي: علامات قربها.

* "العراة الحفاة" : كل منهما - بضم الأول - .

* "العالة" : جمع عائل بمعنى: الفقير.

* "رعاء الشاء" : كل منهما - بالمد - ، والأول - بكسر الراء - ، والمراد: الأعراب وأصحاب البوادي.

* "تطاولوا" : بكثرة الأموال.

* "أربابهن" : أي: يحكم الأولاد على الأمهات حكم الأرباب على الإماء; من كثرة العقوق، وإضاعة الحقوق، وللناس في معناه وجوه.

* "علي الرجل" : - بتشديد الياء ونصب الرجل - ; أي: ردوا الرجل علي.

* قوله: "فيم نعمل؟" : قد سبق مثله في مسند أبي بكر، ولعل المعنى: أنعمل لشيء قد وقع به التقدير من الجنة أو النار، أو لشيء نحصله بأعمالنا من غير سبق تقدير به؟

* "يستأنف" : على بناء المفعول.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية