صفحة جزء
7134 3357 - (7174) - (2 \ 232) عن أبي هريرة وأبي سعيد ، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله يقول: إن الصوم لي، وأنا أجزي به، إن للصائم فرحتين: إذا أفطر، فرح، وإذا لقي الله فجزاه، فرح، والذي نفس محمد بيده! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".
* قوله: " إن الصوم لي وأنا أجزي به ": قد ذكروا له معاني، لكن الموافق للأحاديث أنه كناية عن تعظيم جزائه، وأنه لا حد له، وهذا هو الذي تفيده المقابلة في حديث: "ما من حسنة عملها ابن آدم إلا كتب له عشر حسنات إلى سبع مئة ضعف، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به " ، وهذا هو الموافق لقوله تعالى إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [ الزمر: 10 ]، وذلك لأن اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنه مخصوص بعظيم لا نهاية لعظمته، ولا حد لها، وأن ذلك العظيم هو المتولي لجزائه مما ينساق الذهن منه إلى أن جزاءه مما لا حد له، ويمكن أن يقال على هذا معنى قوله: "لي ": أي: أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيفه، وبه يظهر المقابلة بينه وبين قوله: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، هو لي "; أي: كل عمله له باعتبار أنه عالم بجزائه، ومقدار تضعيفه إجمالا; لما [ ص: 74 ] بين الله تعالى فيه، إلا الصوم، فإنه الصبر الذي ما حد لجزائه حدا، بل قال: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [الزمر: 10 ] ويحتمل أن يقال: معنى قوله: "كل عمل ابن آدم له. . . إلخ ": أن جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية والخدمة، فتكون لائقة له، مناسبة لحاله، بخلاف الصوم; فإنه من باب التنزه عن الأكل والشرب، والاستغناء عن ذلك، فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب - تبارك وتعالى - ، وأما حديث: "ما من حسنة عملها ابن آدم. . . إلخ "، فيحتاج على هذا المعنى إلى تقدير بأن يقال: كل عمل ابن آدم محدود; لأنه له; أي: على قدره، إلا الصوم، فإنه لي، فجزاؤه غير محصور، بل أنا المتولي لجزائه على قدري .

* " إذا أفطر فرح ": طبعا، وإن لم يأكل; لما في طبع النفس من محبة الإرسال، وكراهة التقييد .

* " لخلوف ": - بضم المعجمة واللام، وسكون الواو - ، وهو المشهور، وجوز بعضهم - فتح المعجمة - ؟ أي: تغير رائحته .

* " أطيب عند الله من ريح المسك ": أي: صاحبه عند الله بسببه أكثر قبولا ووجاهة، وأزيد قربا منه تعالى من صاحب المسك بسبب ريحه عندكم، وهو تعالى أكثر إقبالا عليه بسببه من إقبالكم على صاحب المسك بسبب ريحه .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية