صفحة جزء
7268 3478 - (7310) - (2 \ 243) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن الآخرون، ونحن السابقون يوم القيامة، بيد كل أمة"، وقال مرة: "بيد أن" وجمعه وابن طاوس، فقال: قال أحدهما: "بيد أن"، وقال الآخر: "بايد كل أمة أوتيت الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا اليوم الذي كتبه الله عليهم، فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، فلليهود غدا، وللنصارى بعد غد".
* قوله: " نحن الآخرون ": بكسر الخاء - ; أي: المتأخرون زمانا في الدنيا، المتقدمون كرامة ومنزلة يوم القيامة، والمراد: أن هذه الأمة، وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي متقدمة عليهم في الآخرة; بأنهم أول من يحشر، وأول من يحاسب، وأول من يقضى بينهم، وأول من يدخل الجنة. [ ص: 150 ] وفي مسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والسابقون يوم القيامة، المقضي لهم قبل الخلائق ". وقيل: المراد بالفضل: هو يوم الجمعة، وقيل: المراد به: السبق إلى القبول والطاعة التي حرمها أهل الكتاب، فقالوا: سمعنا وعصينا [البقرة: 93 ]، والأول أقوى .

* " بيد ": مثل غير وزنا ومعنى وإعرابا، ومن لغاته: بايد، ذكره في "القاموس" ، والمشهور في الاستعمال أن تدخل على "أن " المشددة المفتوحة، تقول: هو كثير المال، بيد أنه بخيل، وعلى هذا فرواية: "بيد أن كل أمة أوتيت " واضحة، بقي الكلام في رواية: "بيد كل أمة" برفع "كل "، فقيل: كان في الأصل: "بيد أن كل أمة"، فحذفت "أن"، وبطل عملها، وأضيفت: "بيد" إلى جملة كانت مدخولة "أن"، وحذفت "أن" المشددة; لإعطائها حكم أن المخففة; لكونهما أختين في المصدرية، وقد كثر حذف المخففة، فحذفت المشددة أيضا. وقيل: بل "بيد" حرف بمعنى لكن، وليس باسم مضاف إلى ما بعده، والله تعالى أعلم، والمراد: كل أمة من أهل الكتاب .

* " أوتيت الكتاب ": اللام للجنس، فيحمل بالنسبة إليهم على كتابهم، وبالنسبة إلينا على كتابنا، وهذا بيان لزيادة شرف آخر لنا; أي: فصار كتابنا ناسخا لكتابهم، وشريعتنا ناسخة لشريعتهم، وللناسخ فضل على المنسوخ، فهو من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، أو المراد: بيان أن هذا يرجع إلى مجرد [ ص: 151 ] تقدمهم علينا في الوجود، وتأخرنا عنهم فيه، ولا شرف لهم فيه، أو هو شرف لنا أيضا من حيث قلة انتظار أمواتنا في البرزخ، ومن حيث حياز المتأخر علوم المتقدم دون العكس، فقولهم: الفضل للمتقدم ليس بكلي .

* " ثم هذا اليوم ": الظاهر أنه أوجب عليهم يوم الجمعة بعينه، والعبادة فيه، فاختاروا لأنفسهم أن يبدل الله لهم [به] يوم السبت، وليس بمستبعد من قوم قالوا لنبيهم: اجعل لنا إلها [ الأعراف: 138 ]ذلك .

* " فهدانا الله ": بالثبات عليه حين شرع لنا العبادة فيه .

* " فلليهود ": خبر محذوف؟ أي: يوم العبادة، أو العيد .

* " غدا ": أي: في يوم بعد يوم الجمعة، والله تعالى أعلم .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية