صفحة جزء
1435 - حدثنا أبو بكرة قال : ثنا إبراهيم بن أبي الوزير ، قال : ثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الركوع قال ذلك .

ففي هذه الآثار ما يدل على أن الإمام يقول من ذلك مثل ما يقول من صلى وحده ، لأن في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو يصلي بالناس .

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر ذلك .

فأخبر أن ما فعل من ذلك ، هو ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله في صلاته لا يفعل غيره .

وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ما ذكرنا عنه وهو أيضا فيه إخبار عن صفة صلاته كيف كانت .

فلما ثبت عنه أنه كان يقول - وهو إمام إذا رفع رأسه من الركوع - سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ثبت أن هكذا ينبغي للإمام أن يفعل ذلك ، اتباعا لما قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك .

فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار .

وأما من طريق النظر ، فإنهم قد أجمعوا فيمن يصلي وحده ، على أنه يقول ذلك .

فأردنا أن ننظر في الإمام : هل حكمه في ذلك حكم من يصلي وحده أم لا ؟ [ ص: 241 ] فوجدنا الإمام يفعل في كل صلاته من التكبير والقراءة والقيام والقعود والتشهد ، مثل ما يفعله من يصلي وحده .

ووجدنا أحكامه فيما يطرأ عليه في صلاته ، كأحكام من يصلي وحده فيما يطرأ عليه من صلاته من الأشياء التي توجب فسادها ، وما يوجب سجود السهو فيها ، وغير ذلك ، وكان الإمام ومن يصلي وحده في ذلك سواء ، بخلاف المأموم .

فلما ثبت باتفاقهم أن المصلي وحده يقول بعد قوله " سمع الله لمن حمده " " ربنا ولك الحمد " ثبت أن الإمام أيضا يقولها بعد قوله " سمع الله لمن حمده " .

فهذا وجه النظر أيضا في هذا الباب ، فبهذا نأخذ ، وهو قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله .

وأما أبو حنيفة رحمه الله فكان يذهب في ذلك إلى القول الأول .

التالي السابق


الخدمات العلمية