صفحة جزء
1473 - قيل له : إن يونس بن يزيد قد روى عن الزهري في حديث القنوت الذي رويناه في أول هذا الباب ، ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، فذكر ذلك الحديث بطوله . ثم قال فيه : ثم قد بلغنا أنه ترك ذلك حين أنزل عليه ليس لك من الأمر شيء الآية " ، فصار ذكر نزول هذه الآية الذي كان به النسخ من كلام الزهري ، لا مما رواه عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه .

فقد يحتمل أن يكون نزول هذه الآية لم يكن أبو هريرة رضي الله عنه علمه ، فكان يعمل على ما علم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقنوته إلى أن مات لأن الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك .

[ ص: 249 ] وعلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر أن نزول هذه الآية كان نسخا لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ، فانتهيا إلى ذلك وتركا به المنسوخ المتقدم .

وحجة أخرى أن في حديث ابن إيماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - حين رفع رأسه من الركعة - : غفار غفر الله لها .. حتى ذكر ما ذكر في حديثه ثم قال " الله أكبر " وخر ساجدا .

فثبت بذلك أن جميع ما كان يقوله هو ما ترك بنزول تلك الآية ، وما كان يدعو به مع ذلك من دعائه للأسرى الذين كانوا بمكة ، ثم ترك ذلك عندما قدموا .

وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضا في حديث يحيى بن كثير الذي قد رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب عنه ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فذكر القنوت .

وفيه قال أبو هريرة رضي الله عنه : وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم فذكرت ذلك فقال : أوما تراهم قد قدموا علي ؟

ففي ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك القنوت في العشاء الآخرة ، كما كان يقوله في الصبح ، وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ من صلاة العشاء الآخرة بكماله لا إلى قنوت غيره ، فالفجر أيضا في النسخ كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية