صفحة جزء
2011 - حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن شريح بن عبيد ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم فليركع ركعتين ، فإن استيقظ وإلا كانتا له .

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تطوع بعد الوتر بركعتين وهو جالس ، ولم يكن ذلك ناقضا لوتره المتقدم ، فهذا أولى مما تأوله أهل المقالة الأولى وادعوه من معنى حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وتره إلى السحر ، مع أن ذلك أيضا ليس فيه خلاف عندنا لهذا ، لأنه قد يجوز أن يكون وتره ينتهي إلى السحر ، ثم يتطوع بعده قبل طلوع الفجر .

[ ص: 342 ] فإن قال قائل : يحتمل أن يكون تينك الركعتان هما ركعتا الفجر ، فلا يكون ذلك من صلاة الليل .

قيل له : لا يجوز ذلك من جهتين ، أما أحدهما :

فلأن سعد بن هشام إنما سأل عائشة رضي الله عنها ، عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل ، فكان ذلك منها جوابا لسؤاله وإخبارا منها إياه ، عن صلاته بالليل كيف كانت .

والجهة الأخرى : أنه ليس لأحد أن يصلي ركعتي الفجر جالسا ، وهو يطيق القيام ؛ لأنه بذلك تارك لقيامها ، وإنما يجوز أن يصلي قاعدا وهو يطيق القيام ما له أن لا يصليه البتة ، ويكون له تركه ، فهو كما له تركه بكماله ، يكون له ترك القيام فيه . فأما ما ليس له تركه فليس له ترك القيام فيه .

فثبت بذلك أن تينك الركعتين اللتين تطوع بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر كانتا من صلاة الليل ، وفي ذلك ما وجب به قول الذين لم يروا بالتطوع في الليل بعد الوتر بأسا ولم ينقضوا به الوتر .

وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك من قوله ما يدل على هذا أيضا ما قد ذكرناه عنه في حديث ثوبان .

التالي السابق


الخدمات العلمية