صفحة جزء
2300 - وقد روي عنه أيضا في ذلك ما حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أنا ابن أبي الزناد ، قال : ثنا علقمة بن أبي علقمة عن أمه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كنت أحب أن أدخل البيت ، فأصلي فيه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني الحجر وقال : إن قومك لما بنوا الكعبة ، اقتصروا في بنائها فأخرجوا الحجر من البيت ، فإذا أردت أن تصلي في البيت ، فصل في الحجر ، فإنما هو قطعة منه .

[ ص: 393 ] فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجاز الصلاة في الحجر الذي هو من البيت . فقد ثبت بما ذكرنا ، تصحيح قول من ذهب إلى إجازة الصلاة في البيت . فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار . وأما حكمه من طريق النظر فإن الذين ينهون عن الصلاة فيه إنما نهوا عن ذلك لأن البيت كله عندهم قبلة ، قالوا : فمن صلى فيه فقد استدبر بعضه ، فهو كمستدبر بعض القبلة ، فلا تجزيه صلاته .

فكان من الحجة عليهم في ذلك ، أنا رأينا من استدبر القبلة ، وولاها يمينه أو شماله أن ذلك كله سواء ، وأن صلاته لا تجزيه . وكان من صلى مستقبل جهة من جهات البيت أجزأته الصلاة باتفاقهم ، وليس هو في ذلك مستقبل جهات البيت كلها ، لأن ما عن يمين ما استقبل من البيت ، وما عن يساره ليس هو مستقبله وكما كان لم يتعبد باستقبال كل جهات البيت في صلاته ، وإنما تعبد باستقبال جهة من جهاته ، فلا يضره ترك استقبال ما بقي من جهاته بعدها .

كان النظر على ذلك أن من صلى فيه ، فقد استقبل إحدى جهاته ، واستدبر غيرها . فما استدبر من ذلك فهو في حكم ما كان عن يمين ما استقبل من جهات البيت وعن يساره إذا كان خارجا منه . فثبت بذلك أيضا قول الذين أجازوا الصلاة في البيت وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى . وقد روي ذلك أيضا عن عبد الله بن الزبير .

التالي السابق


الخدمات العلمية