صفحة جزء
[ ص: 394 ] 2305 - حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا حبان بن هلال ، قال : ثنا ملازم بن عمرو ، قال : ثنا عبد الله بن بدر السحيمي ، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان السحيمي ، عن أبيه وكان أحد الوفد ، قال : صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى صلاته ورجل فرد يصلي خلف الصف ؛ فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى صلاته ، ثم قال : استقبل صلاتك ، فلا صلاة لفرد خلف الصف . فذهب قوم إلى أن من صلى خلف صف منفردا ، فصلاته باطلة واحتجوا في ذلك بهذه الآثار . وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : من فعل ذلك فقد أساء ، وصلاته مجزئة عنه ، وقالوا : ليس في هذه الآثار ما يدل على خلاف ما قلنا . وذلك أنكم رويتم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة فقد يجوز أن يكون أمره بذلك ، لأنه صلى خلف الصف . ويجوز أن يكون أمره بذلك ، لمعنى آخر كما أمر الذي دخل المسجد فصلى أن يعيد الصلاة ، ثم أمره أن يعيدها حتى فعل ذلك مرارا في حديث رفاعة ، وأبي هريرة رضي الله عنهما . فلم يكن ذلك ، لأنه دخل المسجد فصلى ولكنه لمعنى آخر غير ذلك ، وهو تركه إصابة فرائض الصلاة .

فيحتمل أيضا ما رويتم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي صلى خلف الصف أن يعيد الصلاة ، لا لأنه صلى خلف الصف ، ولكن لمعنى آخر كان منه في الصلاة . وفي حديث علي بن شيبان معنى زائد على المعنى الذي في حديث وابصة ، وذلك أنه قال : صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى صلاته ، ورجل فرد يصلي خلف الصف ، فقام عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قضى صلاته ثم قال : استقبل فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أنه أمره أن يعيد الصلاة وقال : لا صلاة لفرد خلف الصف . فيحتمل أن يكون أمره إياه بإعادة الصلاة كان للمعنى الذي وصفنا في معنى حديث وابصة .

وأما قوله : لا صلاة لفرد خلف الصف ، فيحتمل أن يكون ذلك كقوله : لا وضوء لمن لم يسم ، وكالحديث الآخر : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد . وليس ذلك على أنه إذا صلى كذلك ، كان في حكم من لم يصل ، ولكنه قد صلى صلاة تجزئه ، ولكنها ليست بمتكاملة الأسباب في الفرائض والسنن ، لأن من سنة الصلاة مع الإمام : اتصال الصفوف ، وسد الفرج ، هكذا ينبغي للمصلي خلف الإمام أن يفعل ، فإن قصر [ ص: 395 ] عن ذلك فقد أساء وصلاته تجزئه ولكنها ليست بالصلاة المتكاملة في فرائضها وسننها ، فقيل لذلك ( لا صلاة له ) أي لا صلاة له متكاملة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس المسكين بالذي ترده التمرة والتمرتان ، ولكن المسكين الذي لا يعرف فيتصدق عليه ، ولا يسأل الناس .

فكان معنى قوله " ليس المسكين بالذي ترده التمرتان " إنما معناه : ليس هو بالمسكين المتكامل في المسكنة ، إذ هو يسأل فيعطى ما يقوته ويواري عورته . ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس ولا يعرفونه فيتصدقون . فنفى في هذا الحديث من كان مسكينا غير متكامل أسباب المسكنة ، أن يكون مسكينا .

فيحتمل أن يكون أيضا إنما نفى بقوله " لا صلاة لمن صلى خلف الصف وحده " من صلى خلف الصف أن يكون مصليا ، لأنه غير متكامل أسباب الصلاة ، وهو قد صلى صلاة تجزئه .

فإن قال قائل : فهل تجدون عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا شيئا يدل على ما قلتم ؟ قيل له : نعم .

التالي السابق


الخدمات العلمية