صفحة جزء
2473 - حدثنا محمد بن عبد الله بن ميمون ، قال : ثنا الوليد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى ؛ قال : ثنا أبو قلابة ، قال : حدثني أبو أمية ؛ أو عن رجل ، عن أبي أمية ، قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر ؛ فقال : ألا تنتظر الغدا يا أبا أمية ؟ فقلت : إني صائم ثم ذكر مثله .

فهذه الآثار التي رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن فرض المسافر ركعتان . وأنه في ركعتيه كالمقيم في أربعة .

فكما ليس للمقيم أن يزيد في صلاته على أربعة شيئا ، فكذلك ليس للمسافر أن يزيد في صلاته على ركعتين شيئا .

وكان النظر عندنا في ذلك أنا رأينا الفروض المجتمع عليها ، لا بد لمن هي عليه من أن يأتي بها ؛ ولا يكون له خيار في أن لا يأتي بما عليه منها .

[ ص: 424 ] وكان ما أجمع عليه أن للرجل أن يأتي به إن شاء ؛ وإن شاء لم يأت به ، فهو التطوع ؛ إن شاء فعله ؛ وإن شاء تركه . فهذه هي صفة التطوع ، وما لا بد من الإتيان به ، فهو الفرض ، وكانت الركعتان لا بد من المجيء بهما وما بعدهما ففيه اختلاف .

فقوم يقولون : لا ينبغي أن يؤتى به ، وقوم يقولون للمسافر أن يجيء به إن شاء ، وله أن لا يجيء به .

فالركعتان موصوفتان بصفة الفرض ، فهما فريضة ، وما بعد الركعتين موصوف بصفة التطوع ، فهو تطوع .

فثبت بذلك أن المسافر فرضه ركعتان ، وكان الفرض على المقيم أربعا فيما يكون فرضه على المسافر ركعتين .

فكما لا ينبغي للمقيم أن يصلي بعد الأربع شيئا من غير تسليم ، فكذلك لا ينبغي للمسافر أن يصلي بعد الركعتين شيئا بغير تسليم .

فهذا هو النظر - عندنا - في هذا الباب وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

فإن قال قائل : فقد روي عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يتمون ، وذكر في ذلك ما قد فعله عثمان رضي الله عنه بـ منى .

التالي السابق


الخدمات العلمية