صفحة جزء
2480 - وقد قال الزهري أيضا غير ذلك فحدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا أبو عمر ، عن حماد بن سلمة ، قال : أنا أيوب ، عن الزهري ، قال : إنما صلى عثمان رضي الله عنه بـ " منى " أربعا لأن الأعراب كانوا أكثر في ذلك العام ، فأحب أن يخبرهم أن الصلاة أربع .

فهذا يخبر أنه فعل ما فعل ليعلم الأعراب به أن الصلاة أربع .

فقد يحتمل أن يكون لما أراد أن يريهم ذلك نوى الإقامة ، فصار مقيما فرضه أربع ، فصلى بهم أربعا ، وهو مقيم بالسبب الذي حكاه معمر عن الزهري في الفصل الذي قبل هذا . ويحتمل أن يكون فعل ذلك وهو مسافر لتلك العلة .

[ ص: 426 ] والتأويل الأول أشبه عندنا والله أعلم ، لأن الأعراب كانوا بالصلاة وأحكامها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهل منهم بها وبحكمها في زمن عثمان رضي الله عنه وهم بأمر الجاهلية حينئذ أحدث عهدا . فهم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العلم بفرائض الصلاة أحوج منهم إلى ذلك في زمن عثمان رضي الله عنه . فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتم الصلاة لتلك العلة ، ولكن قصرها ليصلوا معه صلاة السفر على حكمها ، ويعلمهم صلاة الإقامة على حكمها في السفر ، كان عثمان رضي الله عنه أحرى أن لا يتم بهم الصلاة لتلك العلة ، ولكنه يصليها بهم على حكمها في السفر ، ويعلمهم كيف حكمها في الحضر .

فقد عاد معنى ما صح من تأويل حديث أيوب ، عن الزهري ، إلى معنى حديث معمر عن الزهري .

وقد قال آخرون إنما أتم الصلاة ، لأنه كان يذهب إلى أنه لا يقصرها إلا من حل وارتحل .

التالي السابق


الخدمات العلمية