صفحة جزء
2483 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا روح وأبو عمر ، قالا : أخبرنا حماد بن سلمة أن أيوب السختياني أخبرهم عن أبي قلابة الجريبي ، عن عمه أبي المهلب ، قال : كتب عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه بلغني أن قوما يخرجون إما لتجارة وإما لجباية ، وإما لحشر ، ثم يقصرون الصلاة ، وإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا أو بحضرة عدو .

قال : وكان مذهب عثمان بن عفان رضي الله عنه أن لا يقصر الصلاة إلا من كان يحتاج إلى حمل الزاد والمزاد ، ومن كان شاخصا ، فأما من كان في سفر مستغنيا به عن حمل الزاد والمزاد فإنه يتم الصلاة .

قالوا : ولهذا أتم الصلاة بـ " منى " لأن أهلها في ذلك الوقت كثروا ، حتى صارت مصرا ، استغنى من حل به عن حمل الزاد والمزاد

وهذا المذهب عندنا فاسد لأن " منى " لم تصر في زمن عثمان بن عفان وعمر رضي الله عنهما من مكة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بها ركعتين ، ثم صلى بها أبو بكر رضي الله عنه بعده كذلك ، ثم صلى بها عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه كذلك . فإذا كانت مكة مع عدم احتياج من حل بها إلى حمل الزاد والمزاد ، يقصر فيها الصلاة ، فما دونها من المواطن أحرى أن يكون كذلك . فقد انتفت هذه المذاهب كلها بفسادها عن عثمان رضي الله عنه أن يكون من أجل شيء منها قصر الصلاة ، [ ص: 427 ] غير المذهب الأول الذي حكاه معمر عن الزهري ، فإنه يحتمل أن يكون من أجله أتمها ، وفي ذلك الحديث أن إتمامه لنيته الإقامة على ما روينا فيه ، وعلى ما كشفنا من معناه .

وأما ما رويناه عن حذيفة ، فليس فيه دليل أيضا على الإتمام في السفر ، كان ذلك سفر طاعة أو غير طاعة .

لأنه قد يجوز أن يكون كان من رأيه ، أن لا يقصر الصلاة إلا حاج أو معتمر أو مجاهد ، كما قد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية