صفحة جزء
2619 - حدثنا علي بن عبد الرحمن ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني ابن عجلان ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه إشارة ، وقال : كنا نرد السلام في الصلاة ، فنهينا عن ذلك .

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار ما قد دل أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، وقد جاءت مجيئا متواترا ، غير مجيء الحديث الذي خالفها ، فهي أولى منه .

وليست الإشارة في النظر من الكلام في شيء لأن الإشارة إنما هي حركة عضو ، وقد رأينا حركة سائر الأعضاء غير اليد في الصلاة ، لا تقطع الصلاة ، فكذلك حركة اليد .

فإن قال قائل : فإذا كانت الإشارة في الصلاة عندكم قد ثبت أنها بخلاف الكلام وأنها لا تقطع الصلاة كما يقطعها الكلام ، واحتججتم في ذلك بهذه الآثار التي رويتموها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم كرهتم رد السلام من المصلي بالإشارة ، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رويتموه في هذه الآثار ؟ ولئن كان ذلك حجة لكم في أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، فإنه حجة عليكم في أن الإشارة لا بأس بها في الصلاة .

قيل له : أما ما احتججنا بهذه الآثار من أجله ، وهو أن الإشارة لا تقطع الصلاة ، فقد ثبت ذلك بهذه الآثار على ما احتججنا به منها . وأما ما ذكرت من إباحة الإشارة في الصلاة في رد السلام ؟ فليس فيها دليل على ذلك . وذلك أن الذي فيها هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار إليهم .

[ ص: 455 ] فلو قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن تلك الإشارة أردت بها رد السلام على من سلم علي ، ثبت بذلك أن كذلك حكم المصلي إذا سلم عليه في الصلاة . ولكنه لم يقل من ذلك شيئا ، فاحتمل أن تكون تلك الإشارة كانت ردا منه للسلام كما ذكرتم .

واحتمل أن يكون كانت منه لهيا لهم عن السلام عليه ، وهو يصلي ، فلما لم يكن في هذه الآثار من هذا شيء ، واحتملت من التأويل ما ذهب إليه كل واحد من الفريقين ، لم يكن ما تأول أحد الفريقين أولى منها ، مما تأول الآخر إلا بحجة يقيمها على مخالفه ، إما من كتاب ، وإما من سنة ، وإما من إجماع .

فإن قال قائل : فما دليلكم على كراهة ذلك . ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية