صفحة جزء
3007 - حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا الحجاج بن المنهال ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، وهمام ، عن هشام ، فذكر بإسناده مثله .

قالوا : فقد قال لهما : لا حق فيها لقوي مكتسب ، فدل ذلك على أن القوي المكتسب لا حظ له في الصدقة ، ولا تجزئ من أعطاه منها شيئا .

فالحجة للآخرين عليهم في ذلك ، أن قوله : إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغني ، أي : أن غناكما يخفى علي ، فإن كنتما غنيين ، فلا حق لكما فيها ، وإن شئتما فعلت ؛ لأني لم أعلم بغناكما ، فمباح لي إعطاؤكما ، وحرام عليكما أخذ ما أعطيتكما إن كنتما تعلمان من حقيقة أموركما في الغنى ، خلاف ما أرى من ظاهركما الذي استدللت به على فقركما .

فهذا معنى قوله : إن شئتما فعلت ولا حق فيها لغني .

وأما قوله : ولا لقوي مكتسب ، فذلك على أنه لا حق للقوي المكتسب من جميع الجهات التي يجب الحق فيها ، فعاد معنى ذلك إلى معنى ما ذكرنا من قوله : ولا لذي مرة قوي .

[ ص: 16 ] وقد يقال : " فلان عالم حقا " إذا تكاملت فيه الأسباب التي بها يكون الرجل عالما ، ولا يقال : " هو عالم حقا " إذا كان دون ذلك ، وإن كان عالما .

فكذلك لا يقال : " فقير حقا " إلا لمن تكاملت فيه الأسباب التي يكون بها الفقير فقيرا ، وإن كان فقيرا ، ولهذا قال لهما : ولا حق فيها لقوي مكتسب ، أي : ولا حق له فيها ، حتى يكون به من أهلها حقا ، وهو قوي مكتسب .

ولولا أنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم إعطاؤه للقوي المكتسب إذا كان فقيرا لما قال لهما : إن شئتما فعلت .

وهذا أولى ما حملت عليه هذه الآثار ؛ لأنها إن حملت على ما حملها عليه أهل المقالة الأولى ، ضادت سواها ، مما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية