صفحة جزء
3045 - حدثنا فهد ، قال : ثنا محمد بن القاسم المعروف بسحيم الحراني قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا أبو إسحاق ، [ ص: 28 ] عن حارثة بن مضرب ، قال : حججت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فأتاه أشراف من أشراف أهل الشام ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا قد أصبنا دواب وأموالا ، فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها ، وتكون لنا زكاة .

فقال : هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي ، ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين ، فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقالوا : حسن ، وعلي رضي الله عنه ساكت لم يتكلم معهم .

فقال : ما لك يا أبا الحسن لا تتكلم ؟ قال : قد أشاروا عليك ، ولا بأس بما قالوا ، إن لم يكن أمرا واجبا ولا جزية راتبة يؤخذون بها .

قال : فأخذ من كل عبد عشرة ، ومن كل فرس عشرة ، ومن كل هجين ثمانية ، ومن كل برذون أو بغل ، خمسة دراهم في السنة ورزقهم كل شهر ، للفرس عشرة دراهم ، والهجين ثمانية ، والبغل خمسة خمسة ، والمملوك جريبين كل شهر .

فدل هذا الحديث على أن ما أخذ منهم عمر رضي الله عنه من أجله ، ما كان أخذ منهم في ذلك ، أنه لم يكن زكاة ولكنها صدقة غير زكاة .

وقد قال لهم عمر رضي الله عنه : إن هذا لم يفعله اللذان كانا قبلي ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه .

فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لم يأخذا ، مما كان بحضرتهما ، من الخيل صدقة ، ولم ينكر على عمر ما قال من ذلك ، أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ودل قول علي لعمر رضي الله عنهما : ( قد أشاروا عليك ، إن لم يكن جزية راتبة ، وخراجا واجبا " ) .

وقبول عمر ذلك منه ، أن عمر إنما كان أخذ منهم بسؤالهم إياه أن يأخذ منهم ، فيصرفه في الصدقات ، وأن لهم منع ذلك منه ، متى أحبوا ، ثم سلك عمر بالعبيد أيضا في ذلك ، مسلك الخيل ، ولم يكن ذلك بدليل على أن العبيد الذين لغير التجارة ، يجب فيهم صدقة ، وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك .

وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية