صفحة جزء
[ ص: 37 ] 3091 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث أن أبا الزبير حدثه ، أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فيما سقت الأنهار والغيم العشور ، وفيما سقي بالسانية نصف العشور .

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فيما سقت السماء ما ذكر فيها ، ولم يقدر في ذلك مقدارا .

ففي ذلك ما يدل على وجوب الزكاة في كل ما خرج من الأرض ، قل أو كثر .

فإن قال قائل ممن يذهب إلى قول أهل المدينة : إن هذه الآثار التي رويتها في هذا الفصل ، غير مضادة للآثار التي رويتها في الفصل الأول ، إلا أن الأولى مفسرة ، وهذه مجملة ، فالمفسر من ذلك أولى من المجمل .

قيل له : هذا محال ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر في هذه الآثار ، أن ذلك الواجب من العشر ، أو نصف العشر ، فيما يسقى بالأنهار أو بالعيون أو بالرشاء أو بالدالية ، فكان وجه الكلام على كل ما خرج مما سقي بذلك .

وقد رويتم أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد ماعزا عندما جاء ، فأقر عنده بالزنا أربع مرات ، ثم رجمه بعد ذلك .

ورويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأنيس : اغد على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .

فجعلتم هذا دليلا ، على أن الاعتبار بالإقرار بالزنا مرة واحدة ؛ لأن ذلك ظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن اعترفت فارجمها .

ولم تجعلوا حديث ماعز المفسر قاضيا على حديث أنيس المجمل ، فيكون الاعتراف المذكور في حديث أنيس المجمل ، هو الاعتراف المذكور في حديث ماعز المفسر .

فإذ كنتم قد فعلتم هذا فيما ذكرنا ، فما تنكرون على من فعل في أحاديث الزكوات ما وصفنا ، بل حديث أنيس أولى أن يكون معطوفا على حديث ماعز ؛ لأنه ذكر فيه الاعتراف .

وإقراره مرة واحدة ليس هو اعترافا بالزنا الذي يوجب الحد عليه في قول مخالفكم .

وحديث معاذ وابن عمر وجابر رضي الله عنهم في الزكاة ، إنما فيه ذكر إيجابها فيما سقي بكذا ، وفيما سقي بكذا .

فذلك أولى أن يكون مضادا لما فيه ذكر الأوساق ، من حديث أنيس ، لحديث ماعز .

وقد حمل حديث معاذ وجابر وابن عمر رضي الله عنهم ، على ما ذكرنا ، وذهب في معناه إلى ما وصفنا : إبراهيم النخعي ، ومجاهد .

التالي السابق


الخدمات العلمية