صفحة جزء
3096 - حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا إبراهيم بن المنذر قال : ثنا عبد الله بن نافع ، قال : ثنا محمد بن صالح ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن عتاب بن أسيد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرص العنب زبيبا ، كما يخرص الرطب .

قال أبو جعفر : فذهب قوم أن الثمرة التي يجب فيها العشر ، هكذا حكمها ، تخرص وهي رطب تمرا ، فيعلم مقدارها ، فتسلم إلى ربها ، ويملك بذلك حق الله تعالى فيها ، ويكون عليه مثلها مكيلة ذلك تمرا ، وكذلك يفعل في العنب ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار .

وخالفهم في ذلك آخرون ، فكرهوا ذلك وقالوا : ليس في شيء من هذه الآثار أن التمرة كانت رطبا في وقت ما خرصت في حديث ابن عمر وجابر رضي الله عنهما .

وكيف يجوز أن يكون كانت رطبا حينئذ ، فتجعل لصاحبها حق الله فيها بمكيلة ذلك تمرا يكون عليه نسيئة .

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر في رءوس النخل بالتمر كيلا ، ونهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة ، وجاءت بذلك عنه الآثار المروية الصحيحة ، قد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع من كتابنا هذا ، ولم يستثن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا .

فليس وجه ما روينا في الخرص عندنا ، على ما ذكرتم ، ولكن وجه ذلك عندنا - والله أعلم - أنه إنما أريد بخرص ابن رواحة ، ليعلم به مقدار ما في أيدي كل قوم من الثمار ، فيؤخذ مثله بقدره في وقت الصرام ، لا أنهم يملكون منه شيئا مما يجب لله فيه ببدل لا يزول ذلك البدل عنهم .

وكيف يجوز ذلك ؟ وقد يجوز أن تصيب بعد ذلك آفة فتتلفها ، أو نار فتحرقها ، فتكون ما يؤخذ من صاحبها بدلا من حق الله تعالى فيها مأخوذا منه ، بدلا مما لم يسلم له .

ولكنه إنما أريد بذلك الخرص ما ذكرنا ، وكذلك في حديث عتاب بن أسيد ، فهو على ما وصفنا من ذلك أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية