صفحة جزء
[ ص: 41 ] 3101 - وذكروا في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخرص ، وقال : أرأيتم إن هلك الثمر أيحب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل .

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .

وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا قد رأينا الزكاة تجب في أشياء مختلفة ، منها : الذهب ، والفضة ، والثمار التي تخرجها الأرض ، والنخل ، والشجر ، والمواشي السائمة .

فكل قد أجمع أن رجلا لو وجبت عليه على ماله وهو ذهب أو فضة ، أو ماشية سائمة ، فسلم ذلك له المصدق ، على ما لا يجوز عليه البياعات ، أن ذلك غير جائز له .

ألا ترى أن رجلا لو وجبت عليه في دراهمه الزكاة ، فباع ذلك منه المصدق بذهب نسيئة ، أن ذلك لا يجوز .

وكذلك لو باعه منه بذهب ، ثم فارقه قبل أن يقبضه ، لم يجز ذلك .

وكذلك لو وجبت عليه في ماشيته الزكاة ، ثم سلم ذلك له المصدق ، ببدل مجهول ، أو ببدل معلوم إلى أجل مجهول ، فذلك كله حرام غير جائز .

فكان كل ما حرم في البياعات في بيع الناس ذلك ، بعضهم من بعض ، قد دخل فيه حكم المصدق في بيعه إياه من رب المال الذي فيه الزكاة ، التي يتولى المصدق أخذها منه .

فلما كان ما ذكرنا كذلك في الأموال التي وصفنا ، كان النظر على ذلك أيضا أن يكون كذلك حكم الثمار .

فكما لا يجوز بيع رطب بتمر نسيئة ، في غير ما فيه الصدقات ، فكذلك لا يجوز فيما فيه الصدقات ، فيما بين المصدق ، وبين رب المال .

فهذا هو النظر أيضا في هذا الباب ، وقد عاد ذلك أيضا إلى ما صرفنا إليه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قدمنا ذكرها .

فبذلك نأخذ ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية