صفحة جزء
3160 - فإن قال قائل : فإن أنس بن مالك ، قد روي عنه خلاف هذا ، فذكر ما حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : ثنا شعبة ، قال : أنا عبد الله بن عبد الله بن جبير ، سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمكوك ، ويغتسل بخمس مكاكي .

قال : فهذا الحديث يخالف الحديث الأول .

قيل له : ما في هذا - عندنا - خلاف له ؛ لأن حديث شريك إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ، وقد وافقه على ذلك عتبة بن أبي حكيم ، فروى عن عبد الله بن جبير نحوا من ذلك .

فلما روى شعبة ما ذكرنا عن عبد الله بن جبير ، احتمل أن يكون أراد بالمكوك المد ؛ لأنهم كانوا يسمون المد مكوكا ، فيكون الذي كان يتوضأ به مدا ، ويكون الذي يغتسل به خمسة مكاكي ، يغتسل بأربعة منها ، وهي أربعة أمداد ، وهي صاع ، ويتوضأ بآخر ، وهو مد .

فجمع في هذا الحديث ما كان يتوضأ به للجنابة ، وما كان يغتسل به لها . وأفرد في حديث عتبة ، ما كان يغتسل به لها خاصة ، دون ما كان يتوضأ به ، وأن ذلك الوضوء لها أيضا .

وسمعت ابن أبي عمران يقول : سمعت ابن الثلجي يقول : إنما قدر الصاع على وزن ما يعتدل كيله ، ووزنه من الماش والزبيب والعدس ، فإنه يقال : إن كيل ذلك ووزنه سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية