صفحة جزء
3410 - وقد روي في حكم الصائم إذا قاء أو استقاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا ما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا مسدد ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ذرعه القيء ، وهو صائم ، فليس عليه قضاء ، ومن استقاء فليقض .

فبين هذا الحديث كيف حكم الصائم إذا ذرعه القيء أو استقاء ، وأولى الأشياء بنا أن يحمل الآثار على ما فيه اتفاقها وتصحيحها ، لا على ما فيه تنافيها وتضادها ، فيكون معنى الحديثين الأولين على ما وصفنا حتى لا يضاد معناهما معنى هذا الحديث ، فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار ، وأما حكمه من طريق النظر ، فإنا رأينا القيء حدثا في قول بعض الناس ، وغير حدث في قول الآخرين ، ورأينا خروج الدم كذلك ، وكل قد أجمع أن الصائم إذا فصد عرقا أنه لا يكون بذلك مفطرا ، وكذلك لو كانت به علة فانفجرت عليه دما من موضع من بدنه ، فكان خروج الدم من حيث ذكرنا من بدنه ، واستخراجه إياه سواء فيما ذكرنا ، وكذلك هما في الطهارة .

وكان خروج القيء من غير استخراج من صاحبه إياه لا ينقض الصوم ، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون خروجه باستخراج صاحبه إياه كذلك لا ينقض الصوم ، فلما كان القيء لا يفطره في النظر كان ما ذرعه من القيء أحرى أن يكون كذلك ، فهذا حكم هذا الباب أيضا من طريق النظر ، ولكن اتباع ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى وعامة العلماء .

[ ص: 98 ] وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية