صفحة جزء
3471 - حدثنا يونس ، قال : أنا ابن وهب أن مالكا أخبره ، عن عبد الله بن معمر الأنصاري ، عن أبي يونس مولى عائشة ، عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على الباب وأنا أسمع يا رسول الله - : إني أصبح جنبا وأنا أريد الصوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا أصبح جنبا ، وأنا أريد الصوم ، فأغتسل وأصوم ، فقال : يا رسول الله ، إنك لست مثلنا ؛ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي .

فلما كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك السائل هو إخباره عن فعل نفسه في ذلك ، ثبت بذلك أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء ، فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار ، وأما وجهه من طريق النظر في ذلك فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن صائما لو نام نهارا فأجنب ، أن ذلك لا يخرجه عن صومه ، فأردنا أن ننظر أنه : هل يكون داخلا في الصوم وهو كذلك ؟ أو يكون حكم الجنابة إذا طرأت على الصوم خلاف حكم الصوم إذا طرأ عليها ؟ فرأينا الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم من الحيض والنفاس إذا طرأ ذلك على الصوم أو طرأ عليه الصوم ، فهو سواء ، ألا ترى أنه ليس لحائض أن تدخل في الصوم وهي حائض ، وأنها لو دخلت في الصوم طاهرا ، ثم طرأ عليها الحيض في ذلك اليوم أنها بذلك خارجة من الصوم ، فكانت الأشياء التي تمنع من الدخول في الصوم هي الأشياء التي إذا طرأت على الصوم أبطلته .

[ ص: 107 ] وكانت الجنابة إذا طرأت على الصوم باتفاقهم جميعا لم تبطله ، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون كذلك إذا طرأ عليها الصوم لم تمنع من الدخول فيه ، فثبت بذلك ما قد وافق ما روته أم سلمة وعائشة رضي الله عنها ، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية