صفحة جزء
3782 - حدثنا محمد بن حميد ، قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا موسى بن أعين ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن ابن أبي نعم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقتل المحرم الحية ، والعقرب ، والفأرة الفويسقة .

قال يزيد : وعد غير هذا ، فلم أحفظ .

قال : قلت : ولم سميت الفأرة ( الفويسقة ؟ ) قال : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، وقد أخذت فأرة فتيلة ، لتحرق على رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت .

[ ص: 167 ] فقام إليها فقتلها ، وأحل قتلها لكل محرم أو حلال .

فهذا ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم للمحرم قتله في إحرامه ، وأباح للحلال قتله في الحرم ، وعد ذلك خمسا .

فذلك ينفي أن يكون حكم أشكال شيء من ذلك ، كحكم هذه الخمس ، إلا ما اتفق عليه من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عناه .

فإن قال قائل : فقد رأينا الحية مباحا قتلها في ذلك كله ، وكذلك جميع الهوام ، فإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك العقرب خاصة ، فجعلتم كل الهوام كذلك ، فما تنكرون أن يكون السباع كذلك أيضا ، فيكون ما ذكر إباحة قتله منهن إباحة مثله لقتل جميعهن ؟

قيل له : قد أوجدناك عن النبي صلى الله عليه وسلم نصا في الضبع ، وهي من السباع ، أنها غير داخلة فيما أباح قتله من الخمس .

فثبت بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد قتل سائر السباع بإباحته قتل الكلب العقور ، وإنما أراد بذلك خاصا من السباع ، ثم قد رأيناه أباح مع ذلك أيضا قتل الغراب والحدأ ، وهما من ذوي المخلب من الطير ، وقد أجمعوا أنه لم يرد بذلك كل ذي مخلب من الطير ؛ لأنهم قد أجمعوا أن العقاب والصقر والبازي ذو مخلب ، وأنهم غير مقتولين في الحرم ، كما يقتل الغراب والحدأ .

وإنما الإباحة من النبي صلى الله عليه وسلم لقتل الغراب والحدأ عليهما خاصة ، لا على ما سواهما من كل ذي مخلب من الطير .

وأجمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح قتل العقرب في الإحرام والحرم .

وأجمعوا أن جميع الهوام مثلها ، وأن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بإباحة قتل العقرب ، إباحة قتل جميع الهوام ، فذو الناب من السباع بذي المخلب من الطير أشبه منه بالهوام مع ما قد بين ذلك ، وشده ما رواه جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الضبع .

فإن قال قائل : إنما جعل النبي صلى الله عليه وسلم حكم الضبع كما ذكرت ؛ لأنها تؤكل ، فأما ما كان لا يؤكل من السباع فهو كالكلب . قيل له : قد غلطت في التشبيه ؛ لأنا قد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم قد أباح قتل الغراب والحدأة والفأرة ، وأكل لحوم هؤلاء مباح عندكم ، فلم يكن إباحة أكلهن مما يوجب حرمة قتلهن .

فكذلك الضبع ليس إباحة أكلها أوجب حرمة قتلها ، وإنما منع من قتلها أنها صيد ، وإن كانت سبعا فكل السباع كذلك إلا الكلب الذي خصه النبي صلى الله عليه وسلم ، بما خصه به .

فإن قال قائل : فكيف تكون سائر السباع كذلك ، وهي لا تؤكل ؟ [ ص: 168 ] قيل له : قد يكون من الصيد ما لا يؤكل ، ومباح للرجل صيده ليطعمه كلابه ، إذا كان في الحل حلالا .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الحية أيضا في الحرم ما .

التالي السابق


الخدمات العلمية