صفحة جزء
3824 - وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا في رفع اليدين بعرفة ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : أنا حماد ، عن بشر بن حرب ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بعرفة وكان يرفع يديه نحو ثندوته . فأردنا أن ننظر في رفع اليدين عند رؤية البيت ، هل هو كذلك أم لا ؟ فرأينا الذين ذهبوا إلى ذلك ذهبوا أنه لا لعلة الإحرام ، ولكن لتعظيم البيت .

وقد رأينا الرفع بعرفة والمزدلفة ، وعند الجمرتين ، وعلى الصفا والمروة ، إنما أمر بذلك من طريق الدعاء في الموطن الذي جعل ذلك الوقوف فيه لعلة الإحرام .

وقد رأينا من صار إلى عرفة ، أو مزدلفة ، موضع رمي الجمار ، أو الصفا والمروة ، وهو غير محرم ، أنه لا يرفع يديه لتعظيم شيء من ذلك .

فلما ثبت أن رفع اليدين لا يؤمر به في هذه المواطن إلا لعلة الإحرام ، ولا يؤمر به في غير الإحرام كان كذلك ، لا يؤمر برفع اليدين لرؤية البيت في غير الإحرام .

فإذا ثبت أن لا يؤمر بذلك في غير الإحرام ، ثبت أن لا يؤمر به أيضا في الإحرام .

وحجة أخرى : أنا قد رأينا ما يؤمر برفع اليدين عنده في الإحرام ما كان مأمورا بالوقوف عنده من المواطن التي ذكرنا .

وقد رأينا جمرة العقبة جمرة كغيرها من الجمار ؛ غير أنه لا يوقف عندها ، فلم يكن هناك رفع .

[ ص: 178 ] فالنظر على ذلك أن يكون البيت لما لم يكن عنده وقوف ، أن لا يكون عنده رفع ، قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك .

وهذا الذي أثبتناه بالنظر ، هو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية