صفحة جزء
3917 - واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا بما حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا بشر بن عمر ، قال : ثنا مالك . ( ح ) .

3918 - وحدثنا يونس قال : أنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان معه هدي ، فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا .

فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ، ولا بين الصفا والمروة ، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : انقضي رأسك ، وامتشطي وأهلي بالحج ، ودعي العمرة .

فلما قضيت الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه إلى التنعيم فاعتمرت ، فقال : هذه مكان عمرتك .

قالت : ( فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ، ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم .

وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة ، فإنما طافوا لهما طوافا واحدا )
.

قالوا : فهذه عائشة رضي الله عنها قد قالت : ( وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة ، فإنما طافوا طوافا واحدا ) ، وهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأمره كانوا يفعلون .

ففي ذلك ما يدل على أن على القارن لحجته وعمرته طوافا واحدا ، ليس عليه غير ذلك .

فكان من حجتنا عليهم لمخالفهم ، أنا قد روينا عن عقيل ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها فيما تقدم من هذا الباب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع تمتع ، وتمتع الناس معه .

والمتمتع قد علمنا أنه الذي يهل بحجة بعد طوافه للعمرة .

[ ص: 200 ] ثم قالت عائشة رضي الله عنها في حديث مالك عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، فأهللنا بعمرة ، فأخبرت أنهم دخلوا في إحرامهم كما يدخل المتمتعون .

قالت : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ، ثم لا يحل حتى يحل منهما .

ولم يبين في هذا الحديث الموضع الذي قال لهم هذا القول فيه .

فقد يجوز أن يكون قاله لهم قبل دخول مكة ، أو بعد دخول مكة قبل الطواف ، فيكونون قارنين بتلك الحجة العمرة ، التي كانوا أحرموا بها قبلها .

ويجوز أن يكون قال لهم ذلك بعد طوافهم للعمرة ، فيكونون متمتعين بتلك الحجة التي أمرهم بالإحرام بها .

فنظرنا في ذلك ، فوجدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، وأبا سعيد الخدري أخبرا في حديثهما ، اللذين رويناهما عنهما ، في باب فسخ الحج ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك القول في آخر طواف على المروة .

فعلمنا أن قول عائشة رضي الله عنها في حديث مالك .

وأما الذين جمعوا بين العمرة والحج - أنها تعني جمع متعة ، لا جمع قران - قالت : ( فإنما طافوا طوافا واحدا ) ، أي : فإنما طافوا طوافا بعد جمعهم بين الحج والعمرة ، التي كانوا قد طافوا لها طوافا واحدا ؛ لأن حجتهم تلك المضمومة مع العمرة ، كانت مكية ، والحجة المكية لا يطاف لها قبل عرفة ، إنما يطاف لها بعد عرفة ، على ما كان ابن عمر يفعل فيما قد رويناه عنه .

فقد عاد معنى ما روينا عن عائشة رضي الله عنها في هذا الباب ، وما صححنا من ذلك لنفي التضاد عنه ، إلى معنى ما روينا عن ابن عمر رضي الله عنهما ، وما صححنا من ذلك .

فليس شيء من هذا يدل على حكم القارن حجة كوفية ، مع عمرة كوفية ، كيف طوافه لهما ؟ هل هو طواف واحد ، أو طوافان ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية