صفحة جزء
4275 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة . ( ح ) .

4276 - وحدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل ، قال : ثنا حماد بن سلمة . ( ح ) .

4277 - وحدثنا ابن أبي داود أيضا ، قال : ثنا آدم بن أبي إياس ، قال : ثنا سليمان بن المغيرة ، قالا : ثنا ثابت ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أم سلمة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، بعد وفاة أبي سلمة ، فخطبني إلى نفسي .

[ ص: 12 ] فقلت : يا رسول الله ، إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا ، فقال : إنه ليس منهم شاهد ، ولا غائب يكره ذلك .

قالت : قم يا عمر ، فزوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فتزوجها
.

فكان في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم خطبها إلى نفسها ، ففي ذلك دليل أن الأمر في التزويج إليها دون أوليائها .

فإنما قالت له : إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا قال : إنه ليس منهم شاهد ولا غائب يكره ذلك ، فقالت : قم يا عمر ، فزوج النبي عليه السلام .

وعمر هذا ابنها ، وهو يومئذ طفل صغير غير بالغ ، لأنها قد قالت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث : ( إني امرأة ذات أيتام ) ( يعني عمر ابنها ، وزينب بنتها ) والطفل لا ولاية له ، فولته هي أن يعقد النكاح عليها ، ففعل .

فرآه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جائزا ، وكان عمر بتلك الوكالة ، قام مقام من وكله .

فصارت أم سلمة رضي الله عنها ، كأنها هي عقدت النكاح على نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .

ولما لم ينتظر النبي صلى الله عليه وسلم حضور أوليائها ، دل ذلك أن بضعها إليها دونهم .

ولو كان لهم في ذلك حق ، أو أمر ، لما أقدم النبي صلى الله عليه وسلم على حق هو لهم قبل إباحتهم ذلك له .

فإن قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان أولى بكل مؤمن من نفسه .

قيل له : صدقت ، هو أولى به من نفسه ، يطيعه في أكثر مما يطيع فيه نفسه ، فأما أن يكون هو أولى به من نفسه في أن يعقد عليه عقدا بغير أمره ، من بيع ، أو نكاح ، أو غير ذلك فلا ، وإنما كان سبيله في ذلك صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، كسبيل الحكام من بعده ، ولو كان ذلك كذلك ، لكانت وكالة عمر ، إنما تكون من قبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لا من قبل أم سلمة ؛ لأنه هو وليها .

فلما لم يكن ذلك كذلك ، وكانت الوكالة إنما كانت من قبل أم سلمة ، فعقد بها النكاح ، فقبله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، دل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، إنما كان ملك ذلك البضع ، بتمليك أم سلمة إياه ، لا بحق ولاية كانت له في بضعها .

أولا ترى أنها قد قالت : إنه ليس أحد من أوليائي شاهدا ، فقال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إنه ليس أحد منهم شاهد ولا غائب ، يكره ذلك .

ولو كان هو أولى بها منهم لم يقل لها ذلك ، ولقال لها : " أنا وليك دونهم " ، ولكنه لم ينكر ما قالت ، وقال لها : " إنهم لا يكرهون ذلك " .

فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .

[ ص: 13 ] ولما ثبت أن عقد أم سلمة رضي الله عنها النكاح على بضعها كان جائزا دون أوليائها ، وجب أن يحمل معاني الآثار التي قدمنا ذكرها في هذا الباب على هذا المعنى أيضا ، حتى لا يتضاد شيء منها ، ولا يتنافى ولا يختلف .

وأما النظر في ذلك ، فإنا قد رأينا المرأة قبل بلوغها ، يجوز أمر والدها عليها في بضعها ومالها ، فيكون العقد في ذلك كله إليه لا إليها ، وحكمه في ذلك كله ، حكم واحد غير مختلف ، فإذا بلغت فكل قد أجمع أن ولايته على مالها قد ارتفعت .

وأن ما كان إليه من العقد عليها في مالها في صغرها ، قد عاد إليها ، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك العقد على بضعها يخرج ذلك من يد أبيها ببلوغها .

فيكون ما كان إليه من ذلك قبل بلوغها ، قد عاد إليها ، ويستوي حكمها في مالها وفي بضعها بعد بلوغها ، فيكون ذلك إليها دون أبيها ، ويكون حكمها مستويا بعد بلوغها ، كما كان مستويا قبل بلوغها .

فهذا حكم النظر في هذا الباب ، وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله أيضا ، إلا أنه كان يقول : إن زوجت المرأة نفسها من غير كفء فلوليها فسخ ذلك عليها ، وكذلك إن قصرت في مهرها ، فتزوجت بدون مهر مثلها ، فلوليها أن يخاصم في ذلك ، حتى يلحق بمهر مثل نسائها .

وقد كان أبو يوسف رحمة الله عليه كان يقول : إن بضع المرأة إليها الولاء في عقد النكاح عليه لنفسها ، دون وليها .

يقول : إنه ليس للولي أن يعترض عليها في نقصان ما تزوجت عليه ، عن مهر مثلها ، ثم رجع عن قوله هذا كله إلى قول من قال : ( لا نكاح إلا بولي ) .

وقوله الثاني هذا ، قول محمد بن الحسن رحمة الله تعالى عليه ، والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية