صفحة جزء
4303 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن أشعث ، عن الحسن في رجل أعتق أمته ، وجعل عتقها صداقها ، ثم طلقها قبل أن يدخل بها ، قال : عليها أن تسعى في نصف قيمتها .

وكان من الحجة في هذا على أبي يوسف رحمة الله عليه ، أن ما ذكره من وجوب السعاية عليها ، إذا أبت في قيمتها ، قد قال هو أبو حنيفة ، ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهما فما لزمهما من ذلك في قولها إذا أجابت إلى التزويج ، فهو لازم لهما .

وأما زفر فكان يقول : لا سعاية عليهما إذا أبت ؛ لأنه وإن كان شرط عليها النكاح في أصل العتاق ، فإنما شرط ذلك عليها ببدل شرطه لها على نفسه ، وهو الصداق الذي يجب لها في قوله إذا أجابت ، فكان العتاق واقعا عليها لا ببدل ، والنكاح المشروط عليها له بدل ، غير العتاق .

فصار ذلك كرجل أعتق عبده على أن يخدمه سنة بألف درهم ، فقبل ذلك العبد ، ثم أبى أن يخدمه ، فلا شيء له عليه ؛ لأنه لو خدمه ، لكان يستحق عليه باستخدامه إياه أجرا ، بدلا من الخدمة .

فكذلك إذا كان من قول زفر في الأمة المعتقة على التزويج ، أنها إذا أجابت إلى التزويج ، وجب لها مهر بدلا من بضعها ، فإذا أبت لم يجب عليها بدل من رقبتها ؛ لأن رقبتها عتقت لا ببدل ، واشترط عليها نكاح ببدل .

ولا يثبت البدل من النكاح ، إلا بثبوت النكاح ، كما لا يثبت البدل على الخدمة إلا بثبوت الخدمة .

[ ص: 23 ] فليس بطلانهما ، ولا بطلان واحد منهما ، بموجب في العتاق الذي وقع على غير شيء بدلا .

فهذا هو النظر في هذا الباب كما قال زفر ، لا كما قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين .

وقد كان أيوب السختياني ، يذهب في تزويج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صفية على عتقها ، إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة ، وزفر ، ومحمد ، رحمة الله عليهم أجمعين أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية