صفحة جزء
4321 - حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي جمرة ، قال : سألت ابن عباس عن متعة النساء ، فقال مولى له : إنما كان ذلك في الغزو ، والنساء قليل ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : صدقت .

[ ص: 27 ] قال أبو جعفر : فهذا عمر رضي الله عنه قد نهى عن متعة النساء ، بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكر ذلك عليه منهم منكر ، وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه من ذلك ، وفي إجماعهم على النهي في ذلك عنها دليل على نسخها وحجة .

ثم هذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول : ( إنما أبيحت والنساء قليل ) أي : فلما كثرن ارتفع المعنى الذي من أجله أبيحت .

وقال أبو ذر رضي الله عنه : إنما كانت لنا خاصة ، فقد يحتمل أن يكون كانت لهم للمعنى الذي ذكره عبد الله بن عباس أنها أبيحت من أجله .

وأما قول جابر رضي الله عنه : ( كنا نتمتع حتى نهانا عنها عمر ) ، فقد يجوز أن يكون لم يعلم بتحريم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها ، حتى علمه من قول عمر رضي الله عنه .

وفي تركه ما قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أباحه لهم ، دليل على أن الحجة قد قامت عنده على نسخ ذلك وتحريمه .

فوجب بما ذكرنا نسخ ما روينا في أول هذا الباب من إباحة متعة النساء .

وقد قال بعض أهل العلم : إن النكاح إذا عقد على متعة أيام ، فهو جائز على الأبد ، والشرط باطل .

فمن الحجة على هذا القول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نهاهم عن المتعة ، قال لهم : من كان عنده من هذه النساء اللاتي يتمتع بهن شيء ، فليفارقهن .

فدل ذلك على أن ذلك العقد المتقدم ، لا يوجب دوام العقد للأبد ؛ لأنه لو كان يوجب دوام العقد للأبد ، لكان يفسخ الشرط الذي كانا تعاقدا بينهما ، ولا يفسخ النكاح إذا كان قد ثبت على صحة وجواز قبل النهي .

ففي أمره إياهم بالمفارقة ، دليل على أن مثل ذلك العقد لا يجب به ملك بضع ، وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمة الله عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية