صفحة جزء
423 - حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، أنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثني إسماعيل بن رافع ، ومحمد بن النيل ، عن عبد الرحمن بن زيد الأنصاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : أكلت أنا وأبو طلحة ، وأبو أيوب الأنصاري طعاما قد مسته النار ، فقمت لأن أتوضأ ، فقالا لي : " أتتوضأ من الطيبات ؟ لقد جئت بها عراقية " .

فهذا أبو طلحة وأبو أيوب ، قد صليا بعد أكلهما مما غيرت النار ، ولم يتوضآ ، وقد رويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالوضوء من ذلك فيما قد روينا عنهما في هذا الباب . فهذا لا يكون - عندنا - إلا وقد ثبت نسخ ما قد رويا عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك عندهما .

فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .

[ ص: 70 ] وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا قد رأينا هذه الأشياء التي قد اختلف في أكلها أنه ينقض الوضوء أم لا إذا مستها النار ؟ وقد أجمع أن أكلها قبل مماسة النار إياها لا ينقض الوضوء فأردنا أن ننظر ، هل للنار حكم يجب في الأشياء إذا مستها فينتقل به حكمها إليها فرأينا الماء القراح طاهرا تؤدى به الفروض .

ثم رأيناه إذا سخن فصار مما قد مسته النار أن حكمه في طهارته على ما كان عليه قبل مماسته النار إياه ، وأن النار لم تحدث فيه حكما ينتقل به حكمه إلى غير ما كان عليه في البدء .

فلما كان ما وصفنا كذلك ، كان في النظر أن الطعام الطاهر الذي لا يكون أكله قبل أن تمسه النار حدثا إذا مسته النار لا تنقله عن حاله ، ولا تغير حكمه ، ويكون حكمه بعد مسيس النار إياه ، كحكمه قبل ذلك قياسا ونظرا ، على ما بينا .

وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن ، رحمهم الله تعالى .

وقد فرق قوم بين لحوم الغنم ولحوم الإبل . فأوجبوا في أكل لحوم الإبل الوضوء ، ولم يوجبوا ذلك في أكل لحوم الغنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية