صفحة جزء
4364 - حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو غسان ، قال : ثنا جعفر بن أبي المغيرة ، عن عبد الله بن أبي الهذيل ، عن جرير رضي الله عنه ، قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : ما وصلت إليك من المشركين إلا بغنية لي - أو بقينة - أعزل عنها ، أريد بها السوق ، فقال : جاءها ما قدر .

قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار أيضا ما يدل على أن العزل غير مكروه ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبروه أنهم يفعلونه ، لم ينكر ذلك عليهم ، ولم ينههم عنه ، وقال : لا عليكم ألا تفعلوه ، فإنما هو القدر .

أي : فإن الله إذا كان قد قدر أنه يكون ذلك ، كان ذلك الولد ، ولم يمنعه عزل ولا غيره ؛ لأنه قد يكون مع العزل إفضاء بقليل الماء الذي قد قدر الله عز وجل أن يكون منه ولد ، فيكون منه ولد ، ويكون ما بقي من الماء الذي قد يمتنعون من الإفضاء به بالعزل فضلا .

وقد يكون الله عز وجل قد قدر أن لا يكون من ماء ولد ، فيكون الإفضاء بذلك الماء والعزل سواء في أن لا يكون منه ولد .

فكان الإفضاء بالماء لا يكون منه ولد إلا بأن يكون في تقدير الله عز وجل أن لا يكون من ذلك الماء ولد ، فيكون كما قدر .

وكان العزل إذا كان قد تقدم في تقدير الله عز وجل أن يكون من ذلك الماء الذي يعزل ولدا ، وصل الله إلى الرحم منه شيئا ، وإن قل ، فيكون منه الولد ، فأعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإفضاء لا يكون به ولد إلا أن يكون قد سبق ذلك في تقدير الله عز وجل ، [ ص: 35 ] وأن العزل لا يمنع أن يكون ولد ، إذا كان قد سبق في علم الله أنه كائن ، ولم ينههم في جملة ذلك عزل .

التالي السابق


الخدمات العلمية