صفحة جزء
4887 - وقد روي نحو ذلك أيضا عن غير البراء ، ما حدثنا محمد بن علي بن داود وفهد ومحمد بن الورد ، قالوا : حدثنا يوسف بن منازل الكوفي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جده معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ويخمس ماله .

فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين بأخذ مال المتزوج وتخميسه دل ذلك أن المتزوج كان بتزوجه مرتدا محاربا ، فوجب أن يقتل لردته ، وكان ماله كمال الحربيين ؛ لأن المرتد الذي لم يحارب ، كل قد أجمع في أخذ ماله ، على خلاف التخميس .

فقال قوم - وهم أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله ، ومن قال بقولهم : ( ماله لورثته من المسلمين ) .

وقال مخالفوهم : ماله كل فيء ولا تخميس فيه ؛ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب .

ففي تخميس النبي صلى الله عليه وسلم مال المتزوج - الذي ذكرنا - دليل على أنه قد كانت منه الردة والمحاربة جميعا .

فانتفى بما ذكرنا أن يكون على أبي حنيفة وسفيان رحمهما الله في ذلك الحديث حجة .

فإن قال قائل : فقد رأينا ذلك النكاح نكاحا لا يثبت ، فكان ينبغي إذا لم يثبت أن يكون في حكم ما لم ينعقد ، فيكون الواطئ عليه كالواطئ لا على نكاح فيحد .

[ ص: 151 ] قيل له : إن كان ذلك كذلك ، فلم كان سؤالك إيانا ما ذكرت ذكر التزويج ، كان ينبغي أن تقول : ( رجل زنى بذات محرم منه ) .

فإن قلت ذلك ، كان جوابنا لك أن نقول : عليه الحد وإن أطلقت اسم التزوج ، وسميت ذلك النكاح نكاحا ، وإن لم يكن ثابتا ، فلا حد على واطئ على نكاح جائز ولا فاسد .

وقد رأينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قضى في المتزوج في العدة التي لا يثبت فيها نكاح الواطئ على ذلك ما يدل على خلاف مذهبك .

التالي السابق


الخدمات العلمية