صفحة جزء
4 - باب شبه العمد

هل يكون فيما دون النفس كما يكون في النفس ؟

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النفس قد يكون فيها شبه عمد كان كذلك فيما دون النفس ، وذكر في ذلك الآثار التي قد رويناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي فيها : ألا إن قتيل خطأ العمد [ ص: 190 ] بالسوط والعصا والحجر فيه مائة من الإبل ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها .

فكان من حجتنا عليه في ذلك أنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النفس ما قد روي عنه فيها .

وقد روي عنه فيما دون النفس ما يخالف ذلك ، وهو ما قد ذكرناه بإسناده في أول هذا الكتاب في خبر الربيع أنها لطمت جارية ، فكسرت ثنيتها ، فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بالقصاص .

وقد رأينا اللطمة إذا أتت على النفس لم يجب فيها قود ورأيناها فيما دون النفس قد أوجبت القود .

فثبت بذلك أن ما كان في النفس شبه عمد ، أنه فيما دون النفس عمد على تصحيح هذه الآثار .

وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رضوان الله عليهم أجمعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية