صفحة جزء
[ ص: 201 ] 8 - باب القسامة كيف هي ؟

قال أبو جعفر : اختلف الناس في القتيل الموجود في محلة قوم ، كيف القسامة الواجبة فيه ؟

فقال قوم : يحلف المدعى عليهم بالله : ما قتلنا ، فإن أبوا أن يحلفوا استحلف المدعون ، واستحقوا ما ادعوا .

واحتجوا في ذلك بحديث سهل بن أبي حثمة الذي ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب .

وقال آخرون : بل يستحلف المدعى عليهم ، فإذا حلفوا غرموا الدية .

وقالوا : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار : أتحلفون وتستحقون ؟ إنما كان على النكير منه عليهم كأنه قال : " أتدعون وتأخذون ؟ "

وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : أفتبرئكم يهود بخمسين يمينا بالله ما قتلنا .

فقالوا : كيف نقبل أيمان قوم كفار ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتحلفون وتستحقون ؟ .

أي : إن اليهود وإن كانوا كفارا فليس عليهم فيما تدعون عليهم غير أيمانهم .

وكما لا يقبل منكم - وإن كنتم مسلمين - أيمانكم فتستحقون بها ، كذلك لا يجب على اليهود بدعواكم عليهم غير أيمانهم .

والدليل على صحة هذا التأويل ما قد حكم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة أصحابه ، فلم ينكره عليه منهم منكر .

ومحال أن يكون عند الأنصار رضي الله عنهم من ذلك علم ، ولا سيما مثل محيصة - وقد كان حيا يومئذ - وسهل بن أبي حثمة ، ولا يخبرونه به ويقولون : ليس هكذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا على اليهود .

التالي السابق


الخدمات العلمية