صفحة جزء
5070 - حدثنا حسين بن نصر ، قال : ثنا الفريابي ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن ذكوان ، عن عبد الرحمن الأعرج ، عن أبي هريرة يرفعه ، مثله .

قال أبو جعفر : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابت العجماء جبارا ، والجبار : هو الهدر ، فنسخ ذلك ما تقدم مما في حديث أبي محيصة ، وإن كان منقطعا لا يكون - بمثله عند المحتج به - علينا حجة .

وإن كان الأوزاعي قد وصله ، فإن مالكا والأثبات من أصحاب الزهري قد قطعوه .

ومع ذلك فإن الحكم المذكور فيه مأخوذ من حكم سليمان النبي عليه السلام في الحرث إن نفشت فيه الغنم .

فحكم النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك الحكم ، حتى أحدث الله له هذه الشريعة فنسخت ما قبلها .

فما دل على هذا الذي رويناه ، عن جابر وأبي هريرة رضي الله عنهما ، أنه كان بعد ما في حديث حرام بن محيصة ، من قوله : فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل ، وعلى أهل الزرع حفظ زرعهم بالنهار .

فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الماشية إذا كان على ربها حفظها مضمونا ما أصابت ، وإذا لم يكن عليها حفظها غير مضمون عليه ما أصابت ، فأوجب في ذلك ضمان ما أصاب المنفلتة بالليل ، إذ كان على صاحبها حفظها .

ثم قال في حديث : ( العجماء جرحها جبار ) ، فكان ما أصابت في انفلاتها جبارا ، فصارت لو هدمت حائطا أو قتلت رجلا لم يضمن صاحبها شيئا ، وإن كان عليه حفظها ، حتى لا تنفلت ، إذا كانت مما يخاف عليه مثل هذا .

[ ص: 205 ] فلما لم يراع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وجوب حفظها عليه ، وراعى انفلاتها فلم يضمنه فيها شيئا مما أصابت ، رجع الأمر في ذلك إلى استواء الليل والنهار .

فثبت بذلك أن ما أصابت ليلا أو نهارا ، إذا كانت منفلتة فلا ضمان على ربها فيه ، وإن كان هو سيبها فأصابت شيئا في فورها ، أو في سيبها ضمن ذلك كله .

وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين ، وهو أولى ما حملت عليه هذه الآثار لما ذكرنا وبينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية