صفحة جزء
5151 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن مطرف ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قال : عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وابن عمر يوم بدر ، فاستصغرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أجازنا يوم أحد .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز ابن عمر يوم أحد ، وهو يومئذ ابن أربع عشرة سنة ، فخالف ذلك ما روينا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

فلما انتفى أن يكون في ذلك الحديث حجة لأحد الفريقين على الفريق الآخر التمسنا حكم ذلك من طريق النظر ، لنستخرج من القولين اللذين ذهب أبو حنيفة إلى أحدهما ، وأبو يوسف إلى الآخر منهما ، قولا صحيحا .

فاعتبرنا ذلك ، فرأينا الله قد جعل عدة المرأة ، إذا كانت ممن تحيض ، ثلاثة قروء ، وجعل عدتها إذا كانت ممن لا تحيض ، من صغر أو كبر ، ثلاثة أشهر ، فجعل بدلا من حيضة شهرا ، وقد تكون المرأة تحيض في أول الشهر ، وفي آخره ، فيجتمع لها في شهر واحد حيضتان ، وقد يكون بين حيضتيها شهران والأكثر .

فجعل الخلف في الحيضة على أغلب أمور النساء ؛ لأن أكثرهن تحيض في كل شهر حيضة واحدة .

[ ص: 220 ] فلما كان ذلك كذلك ، ورأينا الاحتلام يجب به للصبي حكم البالغين ، فإذا عدم الاحتلام وأجمع أن هناك خلفا منه ، فقال قوم : هو بلوغ خمس عشرة سنة ، وقال آخرون : بل هو أكثر من ذلك من السنين ، جعل ذلك الخلف على أغلب ما يكون فيه الاحتلام ، فهو خمس عشرة سنة ؛ لأن أكثر الاحتلام احتلام الصبيان ، وحيض النساء في هذا المقدار يكون ، ولا يجعل على أقل من ذلك ، ولا على أكثر ؛ لأن ذلك إنما يكون في الخاص ، ولا نعتبر حكم الخاص في ذلك ، ولكن نعتبر أمر العام ، كما لم نعتبر أمر الخاص فيما جعل خلفا في الحيض ، واعتبر أمر العام .

فثبت بالنظر الصحيح في هذا الباب كله ما ذهب إليه أبو يوسف رحمة الله عليه ، بالنظر لا بالأثر ، وانتفى ما ذهب إليه أبو حنيفة ومحمد رحمة الله عليهما .

وقد روي عن سعيد بن جبير رحمة الله عليه في هذا نحو من قول أبي حنيفة رحمة الله عليه الذي رواه أبو يوسف عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية